كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

ثم ما ذكرناه من التقديم والترتيب، حكى الرافعي عن الأئمة: أنه مستحب لا مستحق، وعليه ينطبق قوله في "المهذب": ويستحب [أن يبدأ] بقريش.
ولا يظهر للشرف الذي ذكرناه أثر في التفضيل في المقدار، بل يستوي ذو النسب والعلم والورع والسابقة في الإسلام له أو لآبائه، وغيرهم فيه، أعني في قدر الحاجة إذا قلنا: إنهم يعطون من أربعة أخماس الفيء للمصلحة، وكذلك إذا قلنا: إن أربعة أخماس الفيء لهم وفضل شيء عن قدر كفايتهم. هكذا جزم به الماوردي وغيره، وعليه نص الشافعي – رضي الله عنه – اتباعاً لقضاء أبي بكر وعلي – رضي الله عنهما- ولأنهم يعطون بسبب الجهاد وهم مستوون فيه؛ فلم يفضل بعضهم على بعض كما في الغنيمة.
وأشار القاضي الحسين إلى خلاف في ذلك [بقوله]: ولا يزاد بسبب مما ذكرناه على المذهب.
وحكى الرافعي عن رواية أبي الفرج السرخسي وجهاً: أنه يجوز التفضيل اتباعاً لقضاء عمر، رضي الله عنه.
وحكى الإمام عن رواية صاحب "التقريب" أنه قال: إن اتسع المال، ورأى الإمام أن يفعل ذلك كما فعله عمر – رضي الله عنه – كان [ذلك] محتملاً. وأن الشيخ أبا محمد – رحمه الله – كان يقول: التصرف في ذلك قريب من التصرف في حدِّ الشرب؛ فإنَّا قد نفوض الرأي إلى الإمام [فيه].
واعلم أن الأصحاب قالوا: الأولى للإمام أن يجعل الجيش كتائب، ويجعل لهم علامات يتعارفون بها فيما بينهم، ويعقد لهم ألوية، ويجعل على كل قبيلة نقيباً، كما فعله – عليه السلام – في طائفة الأنصار، ثم النقيب يعرف على كل طائفة من القبيلة عريفاً، روى الزهري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف عام خيبر على كل عشرة عريفاً، وجعل يوم فتح مكة للمهاجرين شعاراً، [وللأوس شعاراً]،

الصفحة 530