كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

واستدراك الغلة في كل عام، وقضية هذا: أن نجزم بمثله في سهم المصالح من خمس الفيء، وكلام الرافعي مصرح بجريان الخلاف الآتي فيه.
قال: وإن قلنا: إنها للمقاتلة، قسمت بينهم؛ لأنها ملك لهم، فوجب قسمتها بينهم - كالمنقول وغيره - كأربعة أخماس الغنيمة. وهذا ما اختاره النواوي.
وقيل: تصير وقفاً وتقسم غلتها بينهم؛ لأن ملك الغلة في كل عام أمر وأنفع، ولأن أهل الفيء قاموا في تملكه مقام النبي صلى الله عليه وسلم، وحقه من أراضي الفيء وقف؛ فكذلك ما ملكه الجيش بعده منها. ويخالف ما ينقل ويحول؛ فإنه لا تتأبد منفعته، ويفارق الغنيمة؛ لأن للاجتهاد مدخلاً هاهنا في التقدير، بخلاف الغنيمة، وهذا ما دل عليه ظاهر [لفظه في] "المختصر"، وقال به كثير من أصحابنا، كما حكاه الماوردي، وهو أصح في "الرافعي".
فعلى هذا: هل تصير وقفاً بنفس حصولها للفيء من غير لفظ؛ كما يصير الذراري والنسوان [بنفس الأسر أرقاء]، أم لا بد [من] أن يتلفظ الإمام بالوقف؟ فيه وجهان في "الشامل" وغيره، والذي رجحه الماوردي: الأول، كما دل عليه كلام الشيخ، ونسب الثاني إلى بعض البصريين، وقال: إنه خطأ، وهو الذي صححه الرافعي والنووي، وقالا: إن رأى الإمام أن يبيعها ويصرف ثمنها لهم، فعل، فإن رأى وقفها، فعل، وهذا وجه ثالث حكاه الإمام.

الصفحة 535