كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 16)

من المهر بقدر حصته منها، سواء حصلت في ملكه أو لا؛ لأن ملكه موقوف عليهم، ولاحق لغيرهم فيها، وهذا هو ظاهر النص، وهو الذي أورده القاضي الحسين، والإمام والقاضي ابن كج جعلاه مبنيًّا على أن كل واحد من الغانمين قد ملك حصةً من الغنيمة قبل القسمة، وبنيا الأول على القول بعدم الملك، وهوا لذي جزم به العراقيون؛ بناء على الأصل المذكور، وقال الماوردي: إنه الأشبه. وجعل النص محمولاً على ما إذا كان قد تملكها بالقسمة مع جماعة محصورين قبل الوطء، ولو حمل على حالة كون الجارية كل الغنيمة لكان أولى؛ فإن قياس ما سنذكره عن "الحاوي" في هذه الصورة: الجزم بسقوط حصته من المهر.
وقال الإمام فيما إذا وقعت الجارية في حصة غيره: إن قضية الوجه الذي رواه صاحب "التقريب" – من أن نتبين بالقسمة أن ما حصل في يد كل واحد، قد ملكه بنفس الاغتنام – أن يجب جميع المهر لمن وقعت [في] قسمته، واستضعفه، وروى عن صاحب "التقريب" فيما إذا وقعت الجارية في حصة الواطئ: أنه لا يجب عليه شيء من المهر؛ بناء على الوجه المذكور، وقد حكاه ابن كج قولاً غريباً عن رواية أبي الحسين.
وقد ظهر بما ذكرناه أن محل الخلاف في وجوب جميع المهر أو بعضه فيما إذا كان عدد الغانمين محصوراً، أما إذا كان غير محصور، فيغرم جميع المهر، وتوضع في المغنم وتقسم؛ فإن حصته من المهر ليست نفساً، وبذلك صرح القاضي الحسين وغيره، وجعل الإمام محل الاتفاق على ذلك إذا طابت نفس الواطئ بأداء جميع المهر، وقال فيما إذا قال الواطئ: أسقطه قدر حصتي -: فلابد من إيجاب، فإن تيسر الضبط فذاك، وإلا أخذ المتحقق وحط المتيقن، وتوقف في المشكوك فيه.
وهكذا كله إذا خلا الوطء عن الإحبال، [أما] إذا أحبلها أحد الغانمين، فحكم الحد والمهر كما تقدم، فإذا لم يوجب الحد، فهل يثبت الاستيلاد؟
قال بعضهم: إن قلنا: لا ملك له، لم ينفذ في الحال، وفي نفوذه إذا ملكها يوماً ما القولان المذكوران في باب الاستيلاد، وهذا ما أورده العراقيون، وقال

الصفحة 538