كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 16)

البخاري، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن مسلم الزهري، عن السائب ابن يزيد بن سعيد الكندي الصحابي - رضي الله عنه -.
وقد أخرج الطحاوي هذا في باب "حد الخمر" عن فهد بن سليمان، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن السائب بن يزيد.
الثاني: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن مالك بن أنس، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن السائب بن يزيد.
وأخرجه مالك في "موطإه" (¬1).
قوله: "طلاء" بالمد، وقد مَرَّ تفسيره مستوفىً.
وقد احتج مالك بهذا على وجوب الحد بوجود رائحة الخمر. وهو رواية عن أحمد.
وقال ابن قدامة: ولا يجب الحد بوجود رائحة الخمر من فيه في قول أكثر أهل العلم، منهم: الثوري وأبو حنيفة، والشافعي. وروى أبو طالب عن أحمد أنه يحد بذلك. وهو قول مالك؛ لأن ابن مسعود - رضي الله عنه - جلد رجلًا وجد منه رائحة الخمر، وروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: "إني وجدت من عبيد الله ريح شراب، فأقر أنه شرب الطلاء، فقال عمر: إني سائل عنه، فإن كان يُسكر جلدته". ولأن الرائحة تدل على شربه، فجرى مجرى الإقرار.
والأول أولى؛ لأن الرائحة يحتمل أن تمضمض بها أو حسبها ماءً، فلما صار في فيه مجَّها، أو ظنها لا تُسكر، أو كان مكرهًا، أو أكل نبقًا بالغًا، أو شرب شراب التفاح فإنه يكون منه كرائحة الخمر، وإذا احتمل ذلك لم يجب الحد الذي يُدرأ بالشبهات.
والحديث حجة لنا؛ فإن عمر - رضي الله عنه - لم يحده بوجود الرائحة، ولو وجب ذلك لبادر إليه عمر - رضي الله عنه -.
¬__________
(¬1) "موطأ مالك" (2/ 842 رقم 1532).

الصفحة 121