كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 16)

وقال الجصاص: لم يقطعها رسول الله -عليه السلام- لأجل جحودها العارية، وإنما قطعها لأجل أنها سرقت، وإنما ذكر جحود العارية تعريفًا لها إذ كان ذلك معتادًا منها قد عُرفت به، وذكر ذلك على وجه التعريف، وهذا مثل ما روي عن النبي -عليه السلام- أنه قال للرجلين أحدهما يحجم الآخر في رمضان: "أفطر الحاجم والمحجوم"، فذكر الحجامة تعريفًا لهما والإفطار واقع بغيرها.
قوله: "فمما روي في ذلك" أي فمن الذي روى فيما قلنا بزيادة غير معمر فيه: ما حدثنا يونس، فقوله: "ما حدثنا" في محل الرفع على الابتداء.
وقوله: "فمما روي في ذلك" مقدمًا خبره.
وأخرجه من طريقين صحيحين رجالهما كلهم رجال الصحيح.
الأول: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها -.
وأخرجه مسلم (¬1): عن أبي الطاهر وحرملة بن يحيى، كلاهما عن ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة نحوه سواء.
الثائي: عن يونس أيضًا، عن شعيب بن الليث، عن أبيه الليث بن سعد، عن الزهري. . . . إلى آخره.
وأخرجه الجماعة من هذا الطريق:
فالبخاري (¬2): عن سعيد بن سليمان، عن الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة: "أن قريشًا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم رسول الله -عليه السلام-، ومَن يجترئ عليه إلا أسامة حبُّ رسول الله -عليه السلام-؟! فكلم رسول الله -عليه السلام-، فقال: أتشفع في حد من حدود الله؟! ثم قام فخطب، فقال: يا أيها الناس، إنما ضل من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا
¬__________
(¬1) "صحيح مسلم" (3/ 1315 رقم 1688).
(¬2) "صحيح البخاري" (6/ 2491 رقم 6406).

الصفحة 19