كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 16)

وأخرجه أبو داود (¬1): ثنا الحسن بن علي، قال: ثنا يحيى بن آدم، ثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن مهاجر، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، عن النبي -عليه السلام- أنه قال: "إن من العنب خمرًا، وإن من التمر خمرًا، وإن من العسل خمرًا، وإن من البر خمرًا، وإن من الشعير خمرًا".
وأخرجه الترمذي (¬2): نا محمد بن يحيى، قال: ثنا محمد بن يوسف، قال: ثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن المهاجر، عن عامر الشعبي، عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "إن من الحنطة خمرًا، ومن الشعير خمرًا، ومن التمر خمرًا، ومن الزبيب خمرًا، ومن العسل خمرًا".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب.
ص: قيل: يحتمل هذان الحديثان جميع المعاني التي شملها الحديث الأول غير معنى واحد، وهو ما احتمله الحديث الأول، حمله عليه مَن ذهب إلى كراهة نقيع الزبيب والتمر؛ فإنه لا يحتمله هذا الحديث؛ لأنه قد قرن مع ذلك خمر الحنطة وخمر الشعير، وهم لا يقولون ذلك؛ لأنهم لا يرون بنقيع الحنطة والشعير بأسًا، ويفرقون بينهما وبين نقيع التمر والزبيب؛ فذلك التأويل لا يحتمله هذا الحديث، ولكنه يحتمل التأويلات الأخرى كما يحتمله الحديث الأول.
ش: هذا جواب عن السؤال المذكور، وبيانه أن يقال: يحتمل هذان الحديثان -يعني حديث عمر بن الخطاب، وحديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - جميع المعاني -أي التأويلات- التي يحتملها الحديث الأول -يعني حديث أبي هريرة- غير معنى واحد وهو التأويل الثالث وهو أن يكون المراد به الشجرتين جميعًا ويكون ما خمر من ثمرهما خمرًا، كما ذهب إليه أبو حنيفة وصاحباه في نقيع الزبيب والتمر فجعلوه خمرًا فإن هذا لا يحتمله هذا الحديث؛ لأنه قرن مع ذلك خمر
¬__________
(¬1) "سنن أبي داود" (3/ 326 رقم 3676).
(¬2) "جامع الترمذي" (4/ 297 رقم 1872).

الصفحة 49