كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 16)

قوله: "فثبت بذلك" أي بما ذكرنا من جواز كون ذلك الشراب نقيع تمر مخمر.
"قول مَن كره نقيع التمر"، وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه.
قوله: "ويحتمل أن يكونوا. . . ." إلى آخره. جواب آخر، وهو ظاهر.
ص: والدليل على ذلك أن فهدًا قد حدثنا، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا أبو شهاب، عن ابن أبي ليلى، عن عيسى: "أن أباه بعثه إلى أنس - رضي الله عنه - في حاجة، فأبصر عنده طلاءً شديدًا" (¬1).
والطلاء ما يُسكر كثيره، فلم يكن ذلك عند أنس خمرًا وإن كثيره يسكر، فثبت بما وصفنا أن الخمر لم يكن عند أنس من كل شراب يُسكر، ولكنها من خاص. من الأشربة.
ش: أي الدليل على أن أنسًا - رضي الله عنه - قد أراد بقوله: "وإنها لخمرنا يومئذٍ" ما كنا نخمر، ما قد حدثنا فهد بن سليمان، عن أحمد بن عبد الله بن يونس شيخ الشيخين وأبي داود، عن أبي شهاب الصغير عبد ربه بن نافع الكناني الحناط -بالنون- الكوفي نزل المدائن، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى القاضي الكوفي، عن أخيه عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: "أن أباه عبد الرحمن بن أبي ليلى بعثه إلى أنس بن مالك - رضي الله عنه - في حاجة، فأبصر عنده طلاءً شديدًا". انتهى.
والطلاء ما يُسكر كثيره، فلم يكن ذلك عند أنس خمرًا والحال أن كثيره يُسكر.
فثبت بذلك أن الخمر لم يكن عند أنس من كل شراب يُشرب ويُسكر، وإنما هي اسم لشراب خاص من بين الأشربة.
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد في "مسنده" (3/ 112 رقم 12120)، وأبو يعلى في "مسنده" (7/ 50 رقم 3966).

الصفحة 56