كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 16)
وقال ابن التين: هو بفتح الذال، وقال أبو الحسن عن بعض الحذاق: لم يُرد ابن عباس أن الباذق اسم حدث بعد سيدنا رسول الله -عليه السلام- وأنه لم يكن قديمًا في العرب.
وسئل عن فتح الذال فقال: ما وقفنا عليه، ولكن الذي قرأ بكسرها.
وقال ابن بطال: يعني سبق محمد -عليه السلام- بتحريم الخمر قبل تسميتهم لها بالباذق، وهو من شراب العسل، وزعم ابن قرقول أنه طلاء مطبوخ من عصير العنب، كان أول من صنعه وسماه بنو أمية لينقلوه عن اسم الخمر، وكان مسكرًا.
والاسم لا ينقلب عن معناه الموجود فيه، وقال ابن سيده: هو الخمر، وقال القزاز: هو ضرب من الأشربة.
ص: وقد وجدنا من الأثار ما يدل على ما ذكرنا أيضًا مما تأولنا عليه أحاديث أنس - رضي الله عنه -.
حدثنا فهدٌ، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا مسعر بن كدام، عن أبي عون الثقفي، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن ابن عباس قال: "حرمت الخمر بعينها، والسكر من كل شراب".
فأخبر ابن عباس - رضي الله عنه - أن الحرمة وقعت على الخمر بعينها، وعلى السكر من سائر الأشربة سواها، فثبت بذلك أن ما سوى الخمر التي حرمت مما يُسكر كثيره قد أبيح شرب قليله الذي لا يُسكر على ما كان عليه من الإباحة المتقدمة لتحريم الخمر، وأن التحريم الحادث إنما هو في عين الخمر خاصة، والسكر مما سواها من الأشربة؛ فاحتمل أن تكون الخمر المحرمة هي عصير العنب خاصة، واحتمل أن يكون كل ما خمر من عصير العنب وغيره، فلما احتمل ذلك وكانت الأشياء قد تقدم تخليلها جملة ثم حدث التحريم في بعضها، لم يخرج شيئا مما قد أجمع على تخليله إلا بالاجماع يأتي على تحريمه، ونحن نشهد على الله -عز وجل- أنه قد حرم عصير
الصفحة 58
576