كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 16)

العنب إذا حدثت فيه صفات الخمر، ولا نشهد عليه أنه حرم ما سوى ذلك إذا حدث فيه مثل هذه الصفة، فالذي نشهد على الله -عز وجل- بتحريمه إياه هي الخمر التي آمنا بتأويلها من حيث قد آمنا بتنزيلها، والذي لا نشهد على الله أنه حرمه هو الشراب الذي ليس بخمر، فما كان من الخمر فقليله وكثيره حرام؛ وما كان سوى ذلك من الأشربة فالسكر منه حرام، وما سوى ذلك منه مباح، هذا هو النظر عندنا.
ش: أي قد وجدنا من الأحاديث ما يدل على ما ذكرنا من التأويل في أحاديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، وهو حديث ابن عباس، أخرجه بإسناد صحيح عن فهد بن سليمان، عن أبي نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري، عن مسعر بن كدام، عن أبي عون محمد بن عبد الله بن سعد الأعور الثقفي الكوفي، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن ابن عباس.
وأخرجه قاسم بن أصبغ: ثنا أحمد بن زهير: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، عن مسعر، عن أبي عون، عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس، قال: "حرمت الخمر بعينها، القليل منها والكثير، والسكر من كل شراب".
وأخرجه ابن حزم أيضا من هذا الطريق، وقال: هذا خبر صحيح، ثم قال: ولا حجة لهم فيه لأنا رويناه من طريق أحمد بن شعيب يعني النسائي، أنا محمد بن عبد الله: ثنا محمد، وأنا الحسين بن منصور: ثنا أحمد بن حنبل: نا محمد بن جعفر: نا شعبة، عن مسعر، عن أبي عون، عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس، قال: "حرمت الخمر بعينها، قليلها وكثيرها، والمسكر من كل شراب"، ثم قال: وشعبة إلى ثلاث أضبط وأحفظ من أبي نعيم، وقد روي فيه زيادة على ما روى أبو نعيم، وزيادة العدل لا يحل تركها.
قلت: أراد بالزيادة: لفظة الميم في "المسكر" في رواية النسائي: "المسكر من

الصفحة 59