كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 16)

مسعر، عن أبي عون، عن شريح: قال: جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - وسلم ببيع (¬١) الحبس (¬٢). [رجاله ثقات إلا أنه مرسلًا] (¬٣).

وجه الاستدلال:
قول شريح -رحمه الله -: (جاء محمَّد ببيع الحبس) فيه بيان أن لزوم الوقف كان في شريعة من قبلنا، وأن شريعتنا ناسخة لذلك.

وأجيب: أولًا: أنه مرسل، والمرسل منقطع.
الثاني: قال ابن حزم: "هذا اللفظ يقتضي أنه قد كان الحبس، وقد جاء محمَّد - صلى الله عليه وسلم - بإبطاله، وهذا باطل يعلم بيقين؛ لأن العرب لم تعرف في جاهليتها الحبس الذي اختلفا فيه، إنما هو اسم شريعي، وشرع إسلامي جاء به محمَّد - صلى الله عليه وسلم - كما جاء بالصلاة والزكاة، والصيام، ولولاه عليه الصلاة والسلام ما عرفنا شيئًا من هذه الشرائع ولا غيرها فبطل هذا الكلام جملة" (¬٤).
---------------
(¬١) وفي المطبوع (بمنع الحبس) والتصحيح من نسخة حققها فضيلة الشيخ محمَّد عوامة، والمراد واحد.
(¬٢) مصنف ابن أبي شيبة - تحقيق الشيخ محمَّد عوامة - (٢١٣٢٧).
(¬٣) ورواه أحمد في الوقوف (١/ ٢٠٦) عن طريق سفيان بن عيينة.
والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٦٣) من طريق جعفر بن عون، كلاهما عن مسعر به.
ولفظ أحمد (جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - ببيع الحبس) ولفظ البيهقي مرة (بمنع الحبس)، ومرة (ببيع الحبس).
وقال ابن حزم في المحلى (٩/ ١٧٧) روِّينا من طريق سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام، عن أبي عون، هو محمد بن عبد الله الثقفي، قال: قال شريح: جاء محمَّد بإطلاق الحبس. فهذه ثلاثة ألفاظ، بيع الحبس، ومنعها، وإطلاقها، والمعنى واحد، والله أعلم.
(¬٤) المحلى، مسألة (١٦٥٢).

الصفحة 49