كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 16)

دليل أبي حنيفة على أن الوقف غير لازم:
(ث -١٧٨) ما رواه الطحاوي من طريق مالك، عن زياد بن سعد، عن ابن شهاب أن عمر قال: لولا أني ذكرت صدقتي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو نحو هذا لرددتها (¬١). [منقطع، ابن شهاب لم يدرك عمر - رضي الله عنه -].

وجه الاستدلال:
قال الطحاوي: "لما قال عمر - رضي الله عنه - هذا دل على أن نفس الإيقاف للأرض لم يكن يمنعه من الرجوع فيها، وإنما منعه من الرجوع فيها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره فيها بشيء، وفارقه على الوفاء به، فكره أن يرجع عن ذلك، كما كره عبد الله بن عمر أن يرجع بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصوم الذي كان فارقه على أن يفعله، وقد كان له أن لا يصوم" (¬٢).

وأجيب:
قال ابن حجر: "لا حجة فيما ذكره من وجهين:
أحدهما: أنه منقطع؛ لأن ابن شهاب لم يدرك عمر.
ثانيهما: أنه يحتمل ما قدمته، ويحتمل أن يكون عمر كان يرى بصحة الوقف ولزومه، إلا إن شرط الواقف الرجوع، فله أن يرجع" (¬٣).
وقال البيهقي: "والذي روي عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب قال: لولا أني ذكرت صدقتي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو نحو هذا لرددتها فهو منقطع، لا تثبت به
---------------
(¬١) شرح معاني الآثار (٤/ ٩٦).
(¬٢) المرجع السابق (٤/ ٩٩).
(¬٣) فتح الباري (٥/ ٤٠٢).

الصفحة 57