كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 16)

و [قال ابنُ عساكر: ] بنى بدمشقَ خانًا بالخوَّاصين، وكتب على بابه: مئةُ سنةٍ وسنةٍ، فعاش بعد ذلك مئة يومٍ ويوم، [والله العالم بما في الغيب] (¬1).
[وفيها توفي]

أبو زُرْعَة الرَّازي
واسمه عُبيد (¬2) الله بنُ عبد الكريم بنِ يزيد بنِ فَرُّوخ، مولى (¬3) عيَّاشِ بن مُطَرِّف القُرشيُّ، وُلدَ سنة مئتين بالرَّيِّ، وكان إمامًا، حافظًا، مُتقنًا، صَدوقًا، [وكان] من كبار الحفاظ، وسادات أهل التَّقوى.
[وذكره الخطيب (¬4) فقال: هو] أحدُ الأئمَّة المشهورين الرَّاحلين لطلب العلم، [وقال: ] (¬5) قدم بغدادَ غيرَ مرَّة، وحدَّث بها، وجالس الإمامَ أحمدَ بن حنبل رحمة الله عليه، وكان الإمامُ أحمد يحبُّه ويُثني عليه، ويقدِّم الجلوسَ معه على النَّوافل.
وقال عبدُ الله بنُ أحمد: لما ورد أبو زرعةَ بغداد نزل علينا، فقال لي أبي: يا عبد الله، قد اعتَضْتُ بنوافلي مُذاكرةَ هذا الشَّيخ، وفي رواية: ما صلَّيتُ اليوم غيرَ الفرض، استأثرتُ بمذاكرته على نوافلي. وما جاوز الجسرَ أحفظُ منه.
وقال محمَّدُ بنُ مسلمِ بنِ وَارةَ: كنتُ عند إسحاقَ بن إبراهيم بنيسابور، فقال رجلٌ من أهل العراق: سمعتُ الإمامَ أحمدَ بنَ حنبل يقول: صحَّ من الحديث سبعُ مئة ألف حديثٍ وكسور، وهذا الفتى -يعني أبا زرعةَ- قد حفظ ستَّ مئة ألف حديث، فقيل للإمام أحمد: مِنْ أين لك هذا؟ فقال: ذاكَرْتُه الأبوابَ. قال البيهقيُّ: معنى قولِ أحمدَ أنَّه يحفظ ستَّ مئة ألف حديث؛ فإنَّما أراد ما صحَّ من الحديث وأقاويلِ الصَّحابة وفتاويهم، لا مجرَّدَ الأحاديثِ المرفوعة.
¬__________
(¬1) ما بين معكوفين من (ب)، والخبر في "تاريخ دمشق" 3/ 89 - 90.
(¬2) في النسخ: عبد. والمثبت من مصادر الترجمة الآتي ذِكرُها.

(¬3) في (خ) و (ف): عبد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ أبو زرعة الرازي مولى ... ، والمثبت وما بين معكوفين من (ب).
(¬4) ما بين معكوفين من (ب)، ولم نقف على نص قول الخطيب في تاريخه.
(¬5) في "تاريخ بغداد" 12/ 33.

الصفحة 22