كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 16)

قد غفرتُ لأهل الموقف، وشفَّعتُ كلَّ واحد منهم في أهل بيته وذرَّيته وعشيرته (¬1).
وقال [الخطيب (¬2) بإسناده إلى] أبي العبَّاس محمَّدِ بنِ إسحاق الثقفيِّ: سمعتُ ابنَ الموفَّق يقول: حَجَجْتُ على قدمي ستِّين حجَّة، منها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[ثلاثين حجَّة، قال أبو العبَّاس الثقفيُّ: فاقتديت بابن الموفَّق، فحججتُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -] سبع حِجَج، وضحَّيتُ عنه مئةً وسبعين أضحية، وقرأتُ القرآن عنه اثنتي عشرة مرَّةً، وجعلتُ أعمالي كلَّها له.
[قلت: رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مستغن عنهما، فلو جعلاه لأنفسهما لكان أولى.]
[وقال أبو الحسين بن المنادي: ] مات عليُّ بن الموفق رحمه الله ببغداد [سنة خمسٍ وستين ومئتين، ] ولما خرجوا بجنازته رأى الفَتْحُ بن شَخْرف الأُزُر تُطرح على تابوته فقال: ما أحسن هذه المُزاحَمات لو كانت على الأعمال.
[وحكى الخطيب عن] أحمدَ بن عبد الله الحفَّار (¬3) [قال: ] رأيتُ الإمام أحمدَ بن حنبل رحمة الله عليه في المنام، فقلت: ما فعل الله بكَ؟ فقال: حَبَاني وأعطاني، وقرَّبني إليه وأدناني، قلت: فما فعل عليُّ بنُ الموفَّق؟ قال: السَّاعة تركتُه في زَلّال وهو يريد العَرْش (¬4).
حدَّث [عليُّ بنُ الموفَّق] عن منصور بن عمَّار، [وأحمدَ بن أبي الحَواري] وغيرهما، وروى عنه أحمدُ بن مسروق الطُّوسيُّ وغيرُه، واتَّفقوا على صدقه وثقتِه وفَضْله - رضي الله عنه -.
[وأخرج له الخطيب حديثًا عن يعلى بن مُنْية، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ النار لَتقول يوم القيامة: جُزْ يا مؤمن، فقد أطفأ (نورُك لهبي) (¬5) ". انتهت ترجمة ابن الموفَّق، والحمد لله وحده.]
¬__________
(¬1) ذكر الخبر أبو نعيم في "الحلية"10/ 312، وابن الجوزي في "صفة الصفوة"، والصفدي في "الوافي بالوفيات" 22/ 265.
(¬2) في (خ) و (ف): وقال أبو العباس بن محمد ... ، والمثبت وما بين معكوفين من (ب) والكلام في "تاريخ بغداد" 13/ 599.
(¬3) في (ب): محمد بن عبيد الله الحفار.
(¬4) "تاريخ بغداد" 13/ 600 - 601. والزلّال: بفتح وتشديد اللام، مبالغة اسم الفاعل من زلّ، بمعنى انزلق، وكان يطلق أيام العباسيين على زورق كبير طويل سريع الانزلاق في الماء. تكملة المعاجم 5/ 344.
(¬5) "تاريخ بغداد" 13/ 599، وما بين حاصرتين منه. وفي إسناده: منصور بن عمار، وهو منكر الحديث. كما في "ميزان الاعتدال" 4/ 385.

الصفحة 32