كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 16)

ببغداد، وصلَّى عليه المُطَّلب الهاشمي صاحب الصلاة في جامع الرُّصافة، وصلَّى عليه زُهاء ثلاث مئة أَلْف، وصلّوا عليه ثمانين مرةً في أربعة مَواضِعَ، وما وصل إلى قبره حتَّى أرسل المقتدرُ إلى نازوك الوالي فخلَّصه منهم، ودُفن بمَقبرة باب البُستان وهو ابنُ سبعٍ وثمانين سنةً قد مضى منها ثلاثة أشهر، وقيل: ابنُ ستٍّ وثمانين سنة وثمانية أشهر وأيام.
حدَّث عن أَبيه، ومحمَّد بن يحيى الذُّهْلي، وخلق كثير.
وروى عنه [أبو] محمَّد بن أبي حاتم، وابن شاهين، والدارقطني، وابن سَمْعون، وابن زَبْر، وابن مُجاهد، وابن قانع، وابن حَبابَة، وعلي بن عيسى الوزير، وخلق كثير (¬1).
وقد تكلَّموا فيه، فقال الخَطيب: كان مُنحرفًا عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه مائلًا عنه (¬2).
وقال ابن عساكر: قال ابن أبي داود: إنْ صحَّ حديثُ الطير الذي يقال: إنَّ عليًّا أكل مع النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- منه، فنُبوَّة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - باطلة (¬3).
وكان أبو ليلى الحارث (¬4) بن عبد العزيز قد أمر بضرب عُنقه لمّا شاع عنه هذا، ثم شفعوا فيه فنفاه (¬5).
¬__________
(¬1) ما بين معكوفين من تاريخ دمشق 9/ 369.
(¬2) نقله عن الخَطيب ابنُ عساكر في تاريخه 9/ 374، والذي في تاريخ بغداد 11/ 139 أن أَبا بكر بن أبي داود قال غير مرة: كلُّ مَن بيني وبينه شيء فهو في حِلّ، إلَّا مَن رماني ببغض علي بن أبي طالب.
(¬3) تاريخ دمشق 9/ 374 بإسناده إلى ابن عدي قال: سمعت علي بن عبد الله الداهري يقول: سألت ابن أبي داود عن حديث الطير ... وهو في الكامل 4/ 1578.
وحديث الطير أخرجه التِّرْمِذِيّ (3721) عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان عند النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - طير فقال: "اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير" فجاء علي فأكل معه. وانظر كلام الذهبي على الخبر في السير 13/ 232.
(¬4) في (خ ف): الحسن، وهو خطأ، والمثبت من المصادر، انظر التعليق التالي.
(¬5) الخبر في أخبار أَصبهان 2/ 210 - 211، وعنه في تاريخ دمشق 9/ 374 - 375، والسير 13/ 229، وتاريخ الإِسلام 7/ 308 وفيه: أن ابن أبي داود قدم أَصبهان، فحسده جماعة من النَّاس لحفظه، وأجرى في مذاكرته ما قالته الخوارج -قبحهم الله- في أمير المُؤْمنين علي رضوان الله عليه من أن أظافيره حفيت من كثرة تسَلُّقه على أم سلمة زوج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، ونسبوا الحكاية إليه، وتقوَّلوا عليه، وأقاموا بعض العلوية خصماء له، فأُحضر مجلس =

الصفحة 542