كتاب تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (اسم الجزء: 16)

وَالْعَلَانِيَةِ وَكَذَّبُوا، فَنَزَلَتْ. قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ. وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

[سورة الحجرات (٤٩): الآيات ١٧ الى ١٨]
يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٧) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨)
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِمْ: جِئْنَاكَ بِالْأَثْقَالِ وَالْعِيَالِ.
وَ «أَنْ» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى تَقْدِيرِ لِأَنْ أَسْلَمُوا. قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ أَيْ بِإِسْلَامِكُمْ. بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ «أَنْ» مَوْضِعُ نَصْبٍ، تَقْدِيرُهُ بِأَنْ. وَقِيلَ: لأن. وفي مصحف عبد الله «إذا هداكم». إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أَنَّكُمْ مُؤْمِنُونَ.
وَقَرَأَ عَاصِمٌ «إِنْ هَدَاكُمْ» بِالْكَسْرِ، وَفِيهِ بُعْدٌ، لِقَوْلِهِ: «إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ». وَلَا يُقَالُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ يَهْدِيَكُمْ إِنْ صَدَقْتُمْ. وَالْقِرَاءَةُ الظَّاهِرَةُ «أَنْ هَدَاكُمْ». وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ: إِنْ آمَنْتُمْ فَذَلِكَ مِنَّةُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ. إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ، رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ: «قَالَتِ الْأَعْرَابُ». الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ عَلَى الخطاب.

وجد في «ز» ما يأتى: «والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وهو حسبي ونعم الوكيل».
٤ محرم سنة ١٣٨٥ ٥ مايو سنة ١٩٦٥
حققه أحمد عبد العليم البردونى
ثم بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى الْجُزْءُ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ، يَتْلُوهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الجزء السابع عشر، وأوّله:
«سورة (ق)»

الصفحة 350