(ثم قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ) فيه: القيام للخطبة (ما بال أناس) أي: ما حالهم. والبال من الألفاظ المشتركة تفسر في كل موضع بما يليق به (يشترطون شروطًا) الشروط جمع شرط، والشرط لغة مخفف من الشرط بفتح الراء وهوالعلامة [وجمعه أشراط] (¬1)، وأما في الاصطلاح فله إطلاقات: أحدها: الشرط المعنوي، وهو ما يلزم من عدمه عدم مشروطه، ولا يلزم من وجوده وجوده ولا عدمه. والثاني: الشرط اللغوي، وهو ما يؤتى فيه بصيغ التعليق نحو (إن) و (إذا) وغيرهما. قال القرافي وغيره: الشروط اللغوية أسباب بوضع المعلق يلزم وجودها الوجود ومن عدمها العدم (¬2).
والثالث: جعل شيء قيدًا لآخر كشرط عليه في بيعه كذا وفي إجارته كذا ونحو ذلك، وهو المراد هنا.
(ليست في كتاب اللَّه [من اشترط شرطا ليس في كتاب اللَّه]) (¬3) أي: في حكم اللَّه الذي كتبه على عباده وشرعه لهم. وقيل: المراد بكتاب اللَّه القرآن (فليس له) به حق (وإن شرطه مائة شرط) كأنه من باب قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (¬4) ومعناه -واللَّه أعلم- أنه لو شرط مائة شرط كان باطلًا، وهو تأكيد لما قبله (شرط اللَّه أحق و) كتاب اللَّه (أوثق) معناه شرط اللَّه الذي شرعه وجعله شرطًا هو أحق أن يتبع من
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ل)، (م)، وبعدها في (ح): وهو العلامة.
(¬2) "شرح تنقيح الفصول" 1/ 85.
(¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ح).
(¬4) التوبة: 80.