(وعرفت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سيرى منها) أي: من ملاحتها وحسنها (مثل الذي رأيت) منها (فقالت: يا رسول اللَّه، إني أنا جويرية بنت الحارث) المصطلقية (وإني كان من أمري) من الاسترقاق (ما لا يخفى عليك (¬1) وإنا كان من أمرنا وإني وقعت في سهم) أي: نصيب (ثابت بن قيس بن شماس) خطيب العرب، أو لابن عم له، وقد أصابني كان الأمر ما لم يخف عليك (وإني كاتبت) ثابتًا (على نفسي) فيه: دليل على جواز كتابة الأنثى وذات الزوج من الإماء ودخولهن في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} (¬2) وإنه لا حق للزوج في منعها كما في قضية بريرة.
(فجئت أسألك) أن تعيينني بشيء (في كتابتي) لثابت بن قيس (فقال) لها (رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ) عندما رآها ورأى منها ما رأته عائشة منها (فهل لك إلى) فعل (ما هو خير) لك من هذا الذي ذكرت، وأنفع لك (منه؟ قالت: وما هو يا رسول اللَّه؟ قال: أؤدي عنك) أي: أقضي عنك لثابت مال (كتابتك وأتزوجك) وهذا هو الذي كرهته عائشة وخافت من وقوعه.
وفيه: دليل على جواز كتابة الأمة (¬3). وفيه: أن مال الكتابة يكون في الذمة. وفيه: جواز أداء دين المديون بإذنه، وأن الدين ينتقل إلى المؤدي، يطالب به ويتعوض عنه عرضًا أو غيره، وأنه يجوز أن يكون صداقًا للدافع
¬__________
(¬1) بعدها في النسخ الخطية: نسخة: وإنا كان من أمرنا.
(¬2) النور: 33.
(¬3) انظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 7/ 84، "التمهيد" 22/ 162، "فتح الباري" 5/ 192.