كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 16)

ووجه الجمع بين الأحاديث أن الرقى يكره منها ما كان بغير اللسان العربي وبغير أسماء اللَّه تعالى وصفاته وكلامه في كتبه المنزلة، وأن يعتقد أن الرقية نافعة بنفسها لا محالة فيتكل عليها (¬1)، وإياها أراد بقوله: "ما توكل من استرقى" (¬2)؛ ولهذا قال (الرقى) (إلا بالمعوذات) بكسر الواو كـ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬3) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬4) وما في معناهما مما وردت به الشريعة في الكتاب والسنة، سموا بذلك لأنهن يعوذن صاحبها، أي: يعصمنه من كل سوء، ولذلك قال للذي رقى بفاتحة الكتاب وأخذ عليها أجرًا أو على غيرها من القرآن: "من أخذ برقية باطل فقد أخذت برقية حق" (¬5).
(وعقد التمائم) وهي الخروز، جمع تميمة، وفي معناها: خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين (¬6)، فأبطلها الإسلام.
وفي الحديث: "من علق تميمة فلا أتم اللَّه له" (¬7) كأنهم يعتقدون أنها تمام الدواء والشفاء.
¬__________
(¬1) وانظر: "فتح الباري" 10/ 195.
(¬2) رواه الترمذي (2055)، وابن ماجه (3489)، وأحمد 4/ 251، 253 من حديث المغيرة بن شعبة مرفوعًا، واللفظ أقرب للفظ أحمد.
(¬3) سورة الفلق: 1.
(¬4) سورة الناس: 1.
(¬5) سبق برقم (3420، 3896، 3901) من حديث خارجه بن الصلت، عن عمه مرفوعًا بلفظ "أكل" بدل "أخذ" وبلفظ: "أكلت" بدل "أخذت"، لكن لفظ الشارح هذا رواه ابن أبي شيبة 5/ 48 (23578) من حديث قيس بن أبي حازم مرفوعًا.
(¬6) في جميع النسخ: العرب، والمثبت هو الصواب.
(¬7) رواه أحمد 4/ 154 من حديث عقبة بن عامر مرفوعًا.

الصفحة 603