كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 16)

وحديث حذيفة: أتتكم الدهيماء ترمي بالرضف (¬1). يريد: الفتنة المظلمة. وقيل: أراد بالدهيماء الداهية؛ فإن من أسماء الداهية: الدهيم، زعموا أن الدهيم في الأصل اسم ناقة كان غزا عليها سبعة إخوة، فقتلوا عن آخرهم وحملوا عليها حتى رجعت بهم، فصارت مثلًا في كل داهية (لا تدع أحذا من هذِه الأمة إلا لطمته لطمة) أي تصل إلى كل واحد من هذِه (¬2) الأمة حصته من تلك الفتنة، فهي كاللطمة، وهي الضربة التي تصل إليه ببطن الكف [منها.
(فإذا قيل: انقضت) الفتنة وذهبت (تمادت) تفاعل من المدى، أي، (¬3)، تطاولت وتواصلت وتأخرت، ومنه حديث كعب بن مالك: فلم يزل ذلك يتمادى بي (¬4) و (يصبح الرجل فيها) أي في تلك الفتنة، يعني: يصبح محرمًا لدم أخيه وعرضه، ويمسي مستحلًّا لهما (مؤمنًا، ويمسي) وقد صار (كافرًا) من عظم تلك الفتنة (حتى يصير الناس إلى فسطاطين) بضم الفاء.
والفسطاط: الخيمة التي يجتمع الناس تحتها. أي: يصير أهل ذلك الزمان إلى فرقتين مجتمعتين: مسلم خالص، وكافر صرف، أحدهما: (فسطاط إيمان) خالص (لا نفاق فيه) أي: لا نفاق في قلب رجل من
¬__________
(¬1) رواه الحاكم في "المستدرك" 4/ 464، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 273: أتتكم الفتنة ترمي بالرضف. وذكره بلفظ المصنف ابن الأثير في "النهاية" 2/ 146.
(¬2) ساقطة من (ل).
(¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(¬4) رواه البخاري (4418)، ومسلم (2769).

الصفحة 653