كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 16)

(واللَّه ما ترك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من قائد فتنة) أي: طالبها وآت بها يقودها، كما يقاد الجمل، يكون بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قائد الفتنة: من يحدث بدعة أو ضلالة ويدعو إليها، لا سيما العالم بالكلام إذا حسن ارتكاب بدعة (إلى أن تنقضي الدنيا، يبلغ) عدد (من معه) أي: مع قائد الفتنة، وهو جملة صفة و (قائد) والمعنى -واللَّه أعلم- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر لنا كل قائد فتنة يبلغ أتباعه ثلاثمائة فما فوق ذلك يكون إلى يوم القيامة (ثلاثمائة) رجل (فصاعدًا إلا وقد سماه) النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (لنا باسمه واسم أبيه واسم قبيلته) التي هو منها.
قال القرطبي: دلت أحاديث هذا الباب على أن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- كان عندهم من علم الكوائن إلى يوم القيامة العلم الكبير، وأسماء قوائد الكوائن وأسماء قبائلهم، كما صرح به في الحديث لكن لم يشيعوها كلها ويشهروها؛ إذ ليست من أحاديث الأحكام، وما كان فيه شيء من ذلك حدثوا به وتقصوا عنه (¬1). ويدل على ذلك حديث أبي هريرة في الصحيحين: حفظت من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعاءين أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم (¬2).
[4244] (حدثنا مسدد، ثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد اللَّه الحافظ (عن قتادة، عن نصر بن عاصم) الليثي النحوي، أخرج له مسلم (عن سبيع بن خالد) ويقال: خالد بن سبيع اليشكري البصري، مقبول.
(قال: أتيت الكوفة في زمن فتحت تستر) بضم التاء الأولى، وفتح
¬__________
(¬1) "المفهم" 7/ 221 وفيه: حدثوا به ونقضوا عن عهدته.
(¬2) رواه البخاري (120).

الصفحة 655