كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 16)

(الخير) ليفعلوه (وكنت أسأله عن الشر) لأجتنبه وأحذر وقوعه (فأحدقه القوم بأبصارهم) رواية البغوي: فأنكر ذلك القوم عليه (¬1). أي: رمقوه بحدقهم، والتحديق: شدة النظر إلى الشيء.
(فقال: إني) واللَّه (قد أرى) (قد) هذِه للتوقيع المستقبل، كقولك: قد يقدم الغائب اليوم. إذا كنت تتوقع قدومه، والمراد هنا -واللَّه أعلم-: إني واللَّه أعلم لأتوقع رؤية (الذي (¬2) تنكرون) وقوعه قريبًا.
(إني قلت: يا رسول اللَّه أرأيت هذا الخير الذي أعطانا اللَّه) تعالى على يديك (أيكون بعده شر كما كان قبله؟ قال: نعم) بعد هذا، الشرُّ هو الفتن التي وقعت بعده.
(قلت: فما العصمة) أي: ما طريق النجاة (من ذلك؟ ) الشر، أي: ما الذي يمنع من هذا الشر ومن الوقوع فيه؟ (قال: السيف) يحتمل أن يكون منصوبًا على التحذير، بمعنى: أحذر السيف، كقوله تعالى: {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ} (¬3) وأجاز الفراء الرفع في: (ناقة اللَّه) وعلى هذا فيجوز رفع السيف، ويدل على هذا الاحتمال الأحاديث في الباب بعده، كحديث مسلم بن أبي بكرة: فليغمد سيفه فليضربه بحده على حده. كما سيأتي، وقيل: معنى قوله: (قال: السيف) أي: تحصل العصمة باستعمال السيف. ومعنى قوله: (السيف). كما قال قتادة: هو ما وقع على أهل الردة كما كان في زمن الصديق -رضي اللَّه عنه- كما يأتي،
¬__________
(¬1) "شرح السنة" 15/ 9.
(¬2) بعدها في (ل)، (م): نسخة: ما.
(¬3) الشمس: 13.

الصفحة 658