كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 16)

وتجيء فتنة فيقول المؤمن: هذِه تهلكني. ثم تنكشف، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذِه هذِه. فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن باللَّه واليوم الآخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إمامًا" (¬1).
(فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه) قال القرطبي: يدل على أن البيعة لا يكتفى فيها بمجرد عقد اللسان فقط، بل لا بد من الضرب باليد، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (¬2) ولكن ذلك للرجال فقط كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى، ولا بد من التزام البيعة بالقلب وترك الغش والخديعة؛ فإنها من أعظم العبادات، ولا بد فيها من النية والنصيحة، والصفقة أصلها الضرب بالكف على الكف، أو بأصبعين على الكف، وهو الكف (¬3) كما تقدم في الصلاة (¬4).
(فليطعه ما استطاع) أي: على قدر استطاعته وطاقته (فإن جاء) إمام (آخر ينازعه فاضربوا رقبة) لفظ مسلم: "فاضربوا عنق" (¬5) (الآخر) قال النووي: معناه: ادفعوا الثاني فإنه خارج على الإمام، فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال فقاتلوه، فإن دعت المقاتلة إلى قتله جاز قتله ولا ضمان فيه؛ فإنه ظالم متعد في قتاله (¬6).
¬__________
(¬1) مسلم (1844).
(¬2) الفتح: 10.
(¬3) هكذا في النسخ، وفي "المفهم": التصفيق.
(¬4) "المفهم" 4/ 52 - 53.
(¬5) مسلم (1844).
(¬6) "مسلم بشرح النووي" 12/ 234.

الصفحة 667