كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 16)

قال: وكأنها زائدة؛ لأن "عامة" صفة لـ "سنة" فكأنه قال: سنة عامة. ويعني بالسنة الجدب العام الذي يكون به الهلاك العام ويكون قد أبدل عامة من سنة بإعادة العامل، تقول: مررت بأخيك بعمرو، ومنه قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} (¬1) ويسمى الجدب والقحط سنة، ويجمع سنين كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} (¬2) أي: بالجدب المتوالي (¬3).
والمعنى: لا تهلك أمتي بقحط عام، بل إن وقع قحط فيكون في ناحية يسيرة بالنسبة إلى باقي بلاد الإسلام لتمتاز بلاد الجدب من بلاد الخصب.
(وأن لا يسلط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم) وبيضة المسلمين جماعتهم ومعظمهم، وبيضة القوم ساحتهم، وعلى هذا فيكون معنى الحديث أن اللَّه تعالى لا يسلط العدو على كافة المسلمين حتى يستبيح جميع ما عندهم وما حازوه من البلاد والأرض ولو اجتمع عليهم كل من بين أقطار الأرض وجوانبها.
(وإن ربي) رحمهم و (قال لي: يا محمد) لعمرك (إني إذا قضيت) في سابق علمي (قضاء) حكمت فيه بوعد أو وعيد ([فإنه] (¬4) لا يرد) قضاؤه ولا يخلف وعده (ولا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم) أي: من
¬__________
(¬1) الأعراف: 75.
(¬2) الأعراف: 135.
(¬3) "المفهم" 7/ 217.
(¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ل)، والمثبت من "السنن".

الصفحة 671