كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 16)

غيرهم (فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من) بفتح الميم، أي: جميع الذين (بين أقطارها، أو قال) شك الراوي، اجتمع عليهم (بأقطارها) أي: جوانب الأرض ونواحيها من البلاد والأماكن (حتى يكون بعضهم يهلك) بضم الياء (بعضا، وحتى يكون بعضهم يسبي) بفتح أوله (بعضا).
قال القرطبي: ظاهر (حتى) الغاية، فيقتضي ظاهر هذا الكلام أنه لا يسلط عليهم عدوهم فيستبيحهم إلا إذا كان منهم إهلاك بعضهم لبعض، وسبي بعضهم لبعض، وحاصل هذا أنه إذا كان من المسلمين ذلك تفرقت جماعتهم واشتغل بعضهم ببعض عن جهاد العدو، فقويت شوكة العدو واستولى كما شاهدنا في زماننا هذا في المشرق والمغرب، وذلك أنه لما اختلفت ملوك المشرق وتجادلوا استولى كفار الترك على جميع عراق المعجم، ولما اختلفت ملوك المغرب وتجادلوا استولت الإفرنج على جميع بلاد الأندلس والجزر القريبة منها، وها هم قد طمعوا في بلاد الإسلام، فنسأل اللَّه أن يدرك المسلمين باللطف والنصر.
ولا يصح أن تكون (حتى) بمعنى (كي) لفساد المعنى، فتدبره (¬1).
(وإنما أخاف على أمتي) من (الأئمة) الأئمة جمع إمام، وهو الذي يدعو الناس إلى ضلالة بالقول أو الفعل أو اعتقاد يعتقده (المضلين) الذين تولوا الولايات بغير علم، فحكموا بغير علم فضلوا وأضلوا، فهم ضالون عن الحق [مضلون] (¬2) لغيرهم، وقد يدخل فيهم العلماء الذين لا يعملون بعلمهم، وجهلاء الصوفية الذين صاروا مشايخ يقتدى
¬__________
(¬1) "المفهم" 7/ 218.
(¬2) في (ل): مضلين. والمثبت هو الصواب.

الصفحة 672