كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 16)

قال القاضي عياض: عد من تنبأ من زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الآن ممن استشهر بذلك وعرف، واتبعه جماعة على ضلالته فوجد هذا العدد فيهم، ومن طالع كتب الأخبار والتواريخ عرف صحة هذا (¬1).
(وأنا خاتم النبيين) أي: آخر الأنبياء (لا نبي بعدي) وإنما ينزل عيسى -عليه السلام- في آخر الزمان داعيًا إلى شريعة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، والإجماع على ذلك، ولم يخالف إلا من لا يعتد بقوله من الزنادقة والفلاسفة، وأما ما رواه ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار": "غير إنه لا نبي بعدي إن شاء اللَّه". فهذِه الزيادة قال الحاكم في "الإكليل": وضعها محمد بن سعيد المصلوب، ولو صحت فهي محمولة على عيسى -عليه السلام-. وتأولها ابن عبد البر على الرؤيا؛ لأنه لم يبق بعده من أجزاء النبوة غيرها. من هنا إلى آخره في "صحيح مسلم" (ولا تزال طائفة من أمتي) الطائفة: الجماعة، وهم العصابة كما في الحديث الآخر (على الحق. قال) محمد (ابن عيسى) في رواية (ظاهرين) على الحق. (ثم اتفقا) بعد ذلك (لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر اللَّه) وهم الذين قال اللَّه فيهم: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181)} (¬2) ومعنى (ظاهرين) منصورين غالبين لمن خالفهم، وأمر اللَّه: قيام الساعة، وقد اختلف: فيمن هذِه الطائفة؟ وأين هم؟ فقال علي بن المديني: هم الغرب. استدل برواية من روى: هم أهل المغرب، وشبه الغرب بالدلو العظيمة.
وروى الدارقطني في "فوائده" حديث سعد بن أبي وقاص وقال فيه: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق في المغرب حتى تقوم
¬__________
(¬1) "إكمال المعلم" 8/ 232.
(¬2) الأعراف: 181.

الصفحة 674