كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 16)

(قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن اللَّه تعالى أجاركم من ثلاث خلال) أي: خصال (لا يدعو عليكم نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم-) دعوة (فتهلكوا) بكسر اللام (جميعًا) كما دعا نوح على قومه فهلكوا جميعهم، بل كان كثير الدعاء لهم، واختبأ دعوته المستجابة لأمته يوم القيامة، ونهى عن الدعاء فقال: "لا تدعوا على أهاليكم" (¬1).
(وأن لا يظهر) بضم أوله، وكسر ثالثه، أي: لا يعلي (أهل) دين (الباطل) وهو الكفر (على) دين (أهل الحق) يعني: أهل الإسلام بالغلبة والقهر، بل يعلي دين الإسلام على جميع الأديان. قيل: ذلك عند نزول عيسى -عليه السلام-، فلا يبقى أهل دين إلا دخل في الإسلام. وقال السدي: ذلك عند خروج المهدي، لا يبقى أحد إلا دخل في الإسلام، إما بعز عزيز أو بذل ذليل. وقيل: المراد بإظهار أهل الحق بالحجج الواضحة والبراهين اللائحة؛ لأن حجج دين الإسلام أقوى الحجج وبراهينه أقطع الدلائل، فما تحاج مؤمن وكافر إلا ظهرت حجة المسلم على الكافر، وكبت (¬2) اللَّه الكافر وأدحض حجته.
(وألا تجتمعوا على ضلالة) لفظ الترمذي: "لا تجتمع هذِه الأمة على ضلالة" (¬3) وزاد ابن ماجه: "فإذا وقع الاختلاف فعليك بالسواد
¬__________
= وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 34/ 245. وانظر ترجمة سعد بن طارق أبي مالك الأشجعي في "تهذيب الكمال" 10/ 269.
(¬1) سبق برقم (1532) من حديث جابر بمعناه.
(¬2) في (ل): ويكبت. والمثبت هو الصواب.
(¬3) "سنن الترمذي" (2167) بلفظ: "إن اللَّه لا يجمع أمتي -أو قال: أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- على ضلالة".

الصفحة 676