كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 16)

فقال: بيعت بريرة بعلم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهي مكاتبة، ولم ينكر ذلك. ففي ذلك أبين البيان أن بيعه جائز، قال: ولا أعلم خبرًا يعارضه، قال: ولا أعلم دليلًا على عجزها (¬1). والجديد من قولي الشافعي أنه لا يجوز بيعه (¬2)، وهو قول مالك (¬3) وأصحاب الرأي (¬4).
وتأول الشافعي حديث بريرة على أنها كانت قد عجزت، وكان بيعها فسخًا لكتابتها (¬5).
وهذا التأويل يحتاج إلى دليل في غاية القوة، وعلى القول بجواز بيعه فمشتريه يقوم فيه مقام المكاتب وولاؤه لمشتريه، فإن لم يبين البائع للمشتري أنه مكاتب فهو غير بين أن يرجع بالثمن، أو يأخذ أرش ما بينه سليما ومكاتبًا, ولا خلاف أن للمكاتب أحكام المماليك في شهاداته وجناياته والجناية عليه، وفي ميراثه وحدوده وسهمه إن حضر القتال.
(ما بقي) بكسر القاف لغة القرآن (عليه من مكاتبته درهم) وهذا مقيد لرواية مالك في "الموطأ" عن ابن عمر أنه كان يقول: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء (¬6). فإن (شيء) مطلق و (درهم) مقيد له.
¬__________
(¬1) "الإقناع" 2/ 424.
(¬2) "الأم" 5/ 269.
(¬3) "المدونة" 2/ 478.
(¬4) "الأصل" 4/ 228.
(¬5) "الأم" 5/ 269.
(¬6) "الموطأ" 2/ 787.

الصفحة 9