كتاب فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (اسم الجزء: 16)

الله عليه وسلم؛ حيث قال لنا: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» (¬1) فابن عباس رأى أن الحديث لا يعم الدول كلها والبلاد كلها، وأن كل بلاد منفصلة عن بلاد وبعيدة عنها تختلف مطالعها فلها أن تستقل برؤية، وتابعه على هذا جماعة من أهل العلم، وقالوا بمثل قول ابن عباس. وقال الأكثرون: القول هو قول من قال بالعموم؛ لأن الأدلة عامة؛ لأنه قال صلى الله عليه وسلم: «صوموا» (¬2). والخطاب للأمة، ما هو لأهل المدينة، الخطاب للأمة كلها: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» (¬3) وهكذا قوله: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه» (¬4) ليس المراد المدينة، المراد الأمة، وقال عليه الصلاة والسلام: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين» (¬5) وأشار بأصابعه العشرة ثلاث مرات، يعني ثلاثين: «والشهر هكذا وهكذا وهكذا» (¬6). وحبس إبهامه في الثالثة، يعني تسعة وعشرين. ثم قال: «فلا
¬_________
(¬1) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار، برقم (2124).
(¬2) سنن الترمذي الصَّوْمِ (688)، سنن النسائي الصِّيَامِ (2189)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2327)، سنن الدارمي الصَّوْمِ (1686).
(¬3) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار، برقم (2124).
(¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080).
(¬5) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي لا نكتب ولا نحسب، برقم (1913)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080).
(¬6) صحيح البخاري الطَّلاَقِ (5302)، صحيح مسلم الصِّيَامِ (1080)، سنن النسائي الصِّيَامِ (2141)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2319).

الصفحة 54