كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 16)

تفسير الآية:
٥٤٥١٩ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: {فقد كذبوكم بما تقولون}: يقول الله للذين كانوا يعبدون عيسى وعزيرًا والملائكة حين قالوا: {سبحانك أنت ولينا من دونهم} [سبأ: ٤١]: {فقد كذبوكم بما تقولون}؛ عيسى وعزيرٌ والملائكة، حين يُكذِّبون المشركين بقولهم (¬١). (١١/ ١٤٨)

٥٤٥٢٠ - عن إسماعيل بن مسلم، قال: سألتُ الحسن عن قوله: {فقد كذبوكم بما تقولون}. فقال: {بما تقولون} قال: يقول للمشركين: {فقد كذبوكم بما تقولون} أي: إنهم آلهة (¬٢). (ز)

٥٤٥٢١ - قال يحيى بن سلَّام: وبعضهم يقرأها بالياء: «بِما يَقُولُونَ»، يعني: قول الملائكة. في قول الحسن البصري (¬٣). (ز)

٥٤٥٢٢ - قال مقاتل بن سليمان: يقول الله تعالى لكفار مكة: {فقد كذبوكم} الملائكة {بما تقولون} بأنّهم لم يأمروكم بعبادتهم (¬٤). (ز)

٥٤٥٢٣ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {فقد كذبوكم بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولا نصرا}، قال: كذَّبوكم بما تقولون؛ بما جاء من عند الله، جاءت به الأنبياء، والمؤمنون آمنوا به، وكذَّب هؤلاء (¬٥) [٤٧١٥]. (ز)
---------------
[٤٧١٥] اختُلِف في المخاطَب بقوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا ولا نَصْرًا} على قولين: الأول: المخاطب الكفار، والمعنى: فقد كذبوكم أيها الكافرون مَن زعمتم أنهم أضلوكم. الثاني: المخاطَب المؤمنون، والمعنى: قد كذبكم أيها المؤمنون الكفار فيما تقولون من التوحيد والشرع.
وعلَّق ابنُ عطية (٦/ ٤٢٦) على القول الأول بقوله: «وفي هذا الإخبار خِزْيٌ وتوبيخ».
ورجَّح ابنُ جرير (١٧/ ٤٢٠) مستندًا إلى السياق القول الأول، وهو قول مجاهد، فقال: «وهو أن يكون خبرًا عن الذين كذبوا الكافرين في زعمهم أنهم دعَوهم إلى الضلالة وأمروهم بها، على ما قاله مجاهد من القول الذي ذكرناه عنه أشبه وأولى؛ لأنه في سياق الخبر عنهم». ووجَّه قول ابن زيد -وهو القول الثاني- قائلًا: «فوجَّه ابن زيد تأويل قوله: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ} إلى: فقد كذبكم -أيها المؤمنون- المكذبون بما جاءهم به محمدٌ من عند الله بما تقولون من الحق». ثم ذكر (١٧/ ٤٢٢) قراءة ابن مسعود: (فَما يَسْتَطِيعُونَ لَكَ صَرْفًا)، وعلَّق صحة تأويل ابن زيد على صحة هذه القراءة، فقال بعد أن ذكر قراءة ابن مسعود: «فإن تكن هذه الرواية عنه صحيحة صحَّ التأويل الذي تأوَّله ابن زيد في قوله: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ}، ويصير قوله: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ} خبرًا عن المشركين أنهم كذبوا المؤمنين». ثم بيَّن معنى: {فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا ولا نَصْرًا} على هذه القراءة، فقال: «ويكون تأويل قوله حينئذٍ: {فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا ولا نَصْرًا}: فما يستطيع -يا محمد- هؤلاء الكفار لك صرفًا عن الحق الذي هداك الله له، ولا نصرَ أنفسهم مما بهم من البلاء الذي هم فيه بتكذيبهم إياك».
_________
(¬١) أخرجه ابن جرير ١٧/ ٤١٩، وابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٧٣. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر. وأخرجه يحيى بن سلام ١/ ٤٧٣ من طريق ابن مجاهد، وعقَّب عليه بقوله: أي: إذ جعلوهم آلهة، فانتفوا من ذلك، ونزهوا الله عنهم.
(¬٢) أخرجه يحيى بن سلام ١/ ٤٧٣.
(¬٣) علَّقه يحيى بن سلام ١/ ٤٧٣.
(¬٤) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٢٢٩.
(¬٥) أخرجه ابن جرير ١٧/ ٤٢٠، وابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٧٣ من طريق أصبغ.

الصفحة 44