كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 16)

٥٧٦٢٦ - قال مقاتل بن سليمان: و {قل} يا محمد: {الحمد لله} في هلاك الأُمَم الخالية، يعني: ما ذكر في هذه السورة مِن هلاك فرعون وقومه وثمود وقوم لوط، وقل الحمد لله الذي علمك هذا الأمر الذي ذكر. ثم قال: {وسلام على عباده الذين اصطفى}، يعني: الذين اختارهم الله - عز وجل - لنفسه للرسالة، فسلام الله على الأنبياء? (¬١). (ز)

٥٧٦٢٧ - عن أصبغ، قال: سمعتُ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، في قول الله: {وسلام على عباده الذين اصطفى}، فقرأ: {سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي العالَمِينَ} [الصافات: ٧٩]، و {سَلامٌ عَلى إبْراهِيمَ} [الصافات: ١٠٩]، {وسَلامٌ عَلى المُرْسَلِينَ} [الصافات: ١٨١]، ثم قال: {وسلام على عباده الذين اصطفى}، فجعلهم في السلام مثل الأنبياء (¬٢). (ز)

٥٧٦٢٨ - قال يحيى بن سلّام: قوله - عز وجل -: {قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى} الذين اختار، يعني: الأنبياء والمؤمنين (¬٣) [٤٨٩٣]. (ز)
---------------
[٤٨٩٣] اختُلِف في المراد بالعباد في قوله تعالى: {عباده الذين اصطفى} على ثلاثة أقوال: أولها: أنهم الأنبياء والمرسلون. وهو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ومقاتل. والثاني: أنهم أصحاب النبي - رضي الله عنهم -. وهو قول ابن عباس، وسفيان الثوري. والثالث: أنهم الأنبياء والمؤمنون. وهو قول يحيى بن سلام.
وذَهَبَ ابنُ جرير (١٨/ ٩٨) مستندًا لأقوال السلف إلى القول الثاني، ولم يذكر قولًا غيره.
وهو الظاهر من كلام ابن تيمية (٥/ ٦٥).
ويفهم من كلام ابن عطية (٦/ ٥٤٩) مَيله إلى القول الثالث مستندًا للعموم؛ حيث قال: «هذا ابتداء تقرير و [تنبيه] لقريش، وهو بَعْدُ يعمُّ كلَّ مكلَّف من الناس جميعًا، وافتتح ذلك بالقول بحمده وتمجيده، وبالسلام على عباده الذين اصطفاهم للنبوَّة والإيمان، فهذا اللفظ عام لجميعهم من بني آدم، وكأن هذا صدر خطبة للتقرير المذكور».
ومالَ ابنُ كثير (١٠/ ٤١٩) إلى القول الأول، ولم يذكر مستندًا، ثم قال جامعًا بين القولين الأول والثاني: «لا منافاة؛ فإنهم إذا كانوا من عباده الذين اصطفى فالأنبياء بطريق الأولى والأحْرى، والقصد أنّ الله تعالى أمر رسوله ومن اتبعه -بعد ما ذكر لهم ما فعل بأوليائه من النجاة والنصر والتأييد، وما أحلَّ بأعدائه من الخزي والنكال والقهر- أن يحمدوه على جميع أفعاله، وأن يُسَلِّموا على عباده المصطفين الأخيار».
_________
(¬١) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٣١٣. وفي تفسير الثعلبي ٧/ ٢١٨، وتفسير البغوي ٦/ ١٧١ نحوه مختصرًا منسوبًا إلى مقاتل دون تعيينه.
(¬٢) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٠٦.
(¬٣) تفسير يحيى بن سلام ٢/ ٥٥٤.

الصفحة 571