كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 16)

وقد تقدَّم حكمُ الإحْصانِ المُوجِبِ للرّجْم، وكثيرٌ من أحكام الرَّجْم، في بابِ ابنِ شهاب، عن عُبيدِ الله، من هذا الكتاب (¬١)، وتقدَّم أيضًا في باب مرسَلِ ابنِ شهاب (¬٢)، وفي باب نافع، عن ابنِ عُمر (¬٣)، أُصولٌ من أحكام الرَّجْم، وفي بابِ يحيى بنِ سعيدٍ من كتابنا هذا (¬٤) ما فيه كفايةٌ إن شاء الله.
قال أبو عُمر: اختلَف الفقهاءُ في انتظارِ المرأةِ التي قد وجَبَ عليها الرجمُ إلى أن تَفطِمَ وَلَدَها، فقال مالك: لا تُحَدُّ حتى تضَعَ، إذا كانت ممن تُجْلَدُ، وإن كان رجمًا رُجِمَتْ بعدَ الوضع. وقد رُوِيَ عنه أنها لا تُرجَمُ حتى تَجدَ مَن يكفُلُ ولدَها. والمشهورُ من مذهبِه أنه إن وُجِد للصبيِّ مَن يُرضِعُه رُجِمتْ، وإن لم يُوجَدْ للصبيِّ مَن يُرضِعُه لم تُرجَمْ حتى تَفطِمَ الصبيَّ، فإذا فطَمتِ الصبيَّ رُجِمتْ (¬٥).
وقال أبو حنيفة (¬٦): لا تُحَدُّ حتّى تضَع، فإن كان جَلْدًا فحتّى تَعالَّ (¬٧) منَ النِّفاس، وإن كان رَجْمًا رُجِمَت بعد الوَضْع.
---------------
(¬١) في أثناء شرح الحديث الثامن لابن شهاب الزُّهريّ، وقد سلف في موضعه، وهو في الموطّأ ٢/ ٣٨٣ (٢٣٧٩).
(¬٢) وهو الحديث العاشر من مراسيل ابن شهاب، وقد سلف في موضعه، وهو في الموطّأ ٢/ ٣٨٢ (٢٣٧٧).
(¬٣) وهو الحديث الرابع والأربعون لنافع، عنه، وقد سلف في موضعه، وهو في الموطّأ ٢/ ٣٧٩ (٢٣٧٤).
(¬٤) وهو الأنصاري، وقد سلف ذلك في أثناء شرح الحديث الثالث له، عن سعيد بن المسيِّب، وهو في الموطّأ ٢/ ٣٨٠ (٢٣٧٥).
وفي الحديث الرابع له عنه، وهو في الموطّأ ٢/ ٣٨١ (٢٣٧٦).
(¬٥) ينظر: المدوّنة ٤/ ٥١٤، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٢٨٢.
(¬٦) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٢٨٢.
(¬٧) يعني: خرجت وسَلِمَتْ منه. يقال: تعَلَّلت المرأة من نفاسها، وتعالَّت: خرجت منه وطهُرت. ينظر: المحكم لابن سيده ١/ ٩٦.

الصفحة 23