كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 16)

قال أبو عُمر: أما اللغة في: "أُعْفُوا". فمُحتمِلةٌ للشيءِ وضدِّه كما قال أهلُ اللغة.
واختلَف أهلُ العلم في الأخذِ من اللِّحية؛ فكرِهَ ذلك قومٌ وأجازَهُ آخرون.
وأخبَرنا أحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ محمد (¬١)، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ فُطَيس، قال: حدَّثنا يحيى بنُ إبراهيم، قال: حدَّثنا أصبغُ (¬٢)، عن ابنِ القاسم، قال: سمِعتُ مالكًا يقول: لا بأسَ أن يؤخَذَ ما تطايَر من اللحيةِ وشذَّ. قال: فقيل لمالك: فإذا طالت جدًّا، فإن من اللِّحى ما تطولُ؟ قال: أرى أن يؤخَذَ منها وتُقصَّرَ.
وقد روَى سُفيانُ، عن ابنِ عَجْلان، عن نافع، عن ابنِ عُمر: أنه كان يُعفي لحيتَه إلا في حجٍّ أو عُمرة (¬٣).
وذكَر الساجيُّ (¬٤)، قال: حدَّثنا بُندارٌ وابنُ المثنّى، قالا: حدَّثنا عبدُ الوهاب، قال: حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عُمر، عن نافع، عن ابنِ عُمر: أنه كان إذا قصَّر من لحيتِه في حجٍّ أو عُمْرة، كان يَقبِضُ عليها ويأخُذُ من طرَفِها ما خرَج من القبضة (¬٥).
---------------
(¬١) هو أبو عمر الفقيه، المعروف بابن الباجيِّ.
(¬٢) هو أصبغ بن الفرج بن سعيد الأموي، وشيخه ابن القاسم: هو عبد الرحمن، ويُنظر ما رواه في ذلك عن مالك: المنتقى شرح الموطأ للباجي ٧/ ٢٦٦، والبيان والتحصيل لابن رشد ١٧/ ٣٩٠ - ٣٩١.
(¬٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤/ ١٨١ من طريق سفيان الثوري، به. ابن عجلان: هو محمد، وهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجال الإسناد ثقات.
(¬٤) هو زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن البصري.
(¬٥) أخرجه البخاري (٥٨٩٢) من طريق عمر بن محمد بن زيد، عن نافع مولى عبد الله بن عمر رضي الله عنه بلفظ: "وكان ابن عمر إذا حجَّ أو اعتمر قبَضَ على لحيتِه، فما فَضَل أخَذَه"، ورجال إسناده ثقات. بُندار: هو محمد بن بشار، وابن المثنى: هو محمد، أبو موسى العنَزَيُّ، وعبد الوهاب: هو ابن عبد الحميد الثقفيُّ.

الصفحة 36