كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 16)

وعند ابن حزم من حديث زكريا عن الشعبي عنه مرفوعًا: "إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها، ولبن الدر يُشرب، وعلى الذي يشرب نفقته، وتركب".
وقال: هذِه الزيادة إنما هي من طريق إسماعيل بن سالم الصائغ مولى بني هاشم، عن هشيم، فالتخليط من قبله لا من قبل هشيم (¬1).
قلت: إسماعيل احتج به مسلم وتابعه زياد بن أيوب عند الدارقطني ويعقوب الدورقي عند البيهقي، إذا تقرر ذلك فاختلف العلماء فيمن له منفعة الرهن من الركوب واللبن وغيرهما على قولين:
أحدهما: أنه للراهن، ليس للمرتهن أن ينتفع بشيء من ذلك، قاله الشعبي وابن سيرين.
قال النخعي: كانوا يكرهون ذلك، وهو قول الشافعي، فإن للراهن أن يركب الرهن ويشرب لبنه بحق نفقته عليه، وتأوي في الليل إلى المرتهن (¬2).
وثانيهما: نعم رخصت فيه طائفة أن ينتفع المرتهن من الرهن بالركوب والحلب دون سائر الأشياء، على لفظ الحديث أن الرهن مركوب ومحلوب، وهو قول أحمد وإسحاق (¬3) والزهري.
وقال أبو ثور: إن كان الراهن لا ينفق عليه وتركه في يد المرتهن فأنفق عليه، فله ركوبه واستخدامه (¬4) على ظاهر الحديث، وعن
¬__________
(¬1) "المحلى" 8/ 91 - 92.
(¬2) انظر: "الإشراف على مذاهب أهل العلم" 2/ 27، "الحاوي" 6/ 206.
(¬3) انظر: "مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج" 2/ 53، "المغني" 6/ 511.
(¬4) انظر: "الإشراف على مذاهب أهل العلم" 2/ 23.

الصفحة 121