كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 16)

قلت: قد ذكر أبو موسى المديني مسندًا لأبي العشراء عن أبيه،
فبلغت أحاديثه نحو ثمانية عشر حديثُا، وتفرُّدُ حماد غير قادح فيه لثقته وأمانته. قالوا: ولو سلمنا صحته لما كان فيه حجة، إذ مقتضاه جواز الذكاة في أي عضو كان مطلقًا في المقدور على تذكيته وغيره، ولا قائل به في المقدور عليه، فظاهره ليس مرادًا.
و (المُدى) جمع مدية وهي السكين.
وقوله: (أفنذبح بالقصب؟) وفي مسلم بالليط (¬1) -بلام مكسورة، ثم مثناة تحت ساكنة، ثم طاء مهملة- وهي قطع القصب، قاله القرطبي (¬2).
وقال النووي: قشوره، الواحدة ليطة (¬3)، وفي أبي داود: أنذكي بالمروة (¬4)؟ ولعلهما قتلا فأجابهم بجواب جامع لما سألوا ولغيره نفيًا وإثباتًا. فقال: "ما أنهر الدم ... " إلى آخره (¬5)، ومعنى هذا السؤال أنهم كانوا عازمين على قتال العدو، وأنهم صانوا سيوفهم وأسنتهم وغيرها عن استعمالها؛ لأن ذلك يفسد الآلة أو يعيبها، ولم يكن لهم سكاكين صغار معدة للذبح.
وقوله: (إنا نرجو أو نخاف العدو غدًا). قال ابن التين: هما سواء.
قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} [الكهف: 110] أي: يخافه، ومعنى "أنهر" (¬6): أسال -كما سلف- أسأله وصبه بكثرة، وهو مشبه بجري
¬__________
(¬1) مسلم (1968/ 22) كتاب: الأضاحي، باب: جواز الذبح بكل ما أنهر الدم.
(¬2) "المفهم" 5/ 367.
(¬3) "شرح مسلم" 13/ 127.
(¬4) أبو داود (2821) بلفظ: (أفنذبح).
(¬5) "شرح صحيح مسلم" 13/ 127.
(¬6) ورد بهامش الأصل: في "المطالع" أنهر كذا الرواية في الأمهات ووقع للأصيلي نهر، قال: وليس بشيء، قال: وجاء في باب إذا ند بعير: (أنهر أو نهر) على الشك وتأخيره الحكم مقاربته.

الصفحة 65