للعالم: حبر بالفتح والكسر، وإنما أرادوا مداد حبر، فحذفوا مدادًا وجعلوا مكانه حبرًا، مثل {وَاسْأَلِ القَرْيَةَ} ووهاه الأصمعي، وإنما هو لتأثيره، وبه صرح في "الواعي".
قال المبرد: وأنا أحسب أنه سمي؛ لأنه يحبر به الكتب أي: يحسن.
واختلف فيمن سمى ابن عباس حبرًا، فذكر أبو نعيم الحافظ أنه انتهى يومًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعنده جبريل فقال: "إنَّهُ كائنٌ حبر هذه الأمّةِ، فاستَوْصِ بِهِ خَيْرًا" (¬1) وقال ابن دريد في "منثوره" أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح لما أرسل ابن عباس رسولًا إلى جرجير ملك الغرب فتكلم معه فقال جرجير: ما ينبغي إلا أن تكون حبر العرب، فسمي عبد الله من يومئذٍ الحبر (¬2).
وقوله: (قضى أكثرهما وأطيبهما). قال ابن التين: هذا لا يكون إلا بوحي، وقد روي أنه - عليه السلام - سأل جبريل فأعلمه أنه قضى أتمهما.
فائدة: أسلفناها في أول الكتاب في الإيمان، ونعيدها هنا لبعده.
المنافق هو الذي يضمر خلاف ما يعلن، ويظهر الإيمان ويضمر الكفر، مأخوذ من النافقاء إحدى جحري اليربوع (¬3)، قيل: لها بابان، يسمى أحدهما القاصعاء والآخر النافقاء، فإذا أخذ عليه أحدهما خرج من الآخر، فإذا أخذ عليه الكفر خرج إلى الإيمان منه، وقيل: إنه يخرق في الأرض؛ حتى إذا كان يبلغ ظاهرها نفق التراب، فإذا رابه ريب دفع ذلك التراب برأسه، فخرج ظاهر جحره تراب كالأرض وباطنه حفر.
¬__________
(¬1) "الحلية" 1/ 316.
(¬2) رواه الزبير بن بكار في "الموفقيات" ص 116.
(¬3) "المجمل" 2/ 877.