كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 16)

هِيَ خَادِمُنَا وَسَانِيَتُنَا. وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيهَا وَأَنَا أَكْرهُ أَنَّ تَحْمِلَ. فَقَال: "اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ. فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا" فَلَبِثَ الرَّجُلُ. ثُمَّ أَتَاهُ فَقَال: إِنَّ الْجَارِيةَ قَدْ حَبِلَتْ. فَقَال: "قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ سَيَأتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا"
ــ
هي خادمنا) الخادم يستوي فيه المذكر والمؤنث، والخادمة بالهاء في المؤنث قليل، وقولهم: فلانة خادمة غدًا ليس بوصف حقيقي، والمعنى ستصير كذلك كما يقال حائضة غدًا اهـ فيومي (وسانيتنا) أي ناضحتنا التي تسقي لنا الماء شبهها بالبعير في ذلك اهـ نووي (وأنا أطوف عليها) أي أجامعها (وأنا أكره أن تحمل) مني بولد فتكون أم ولد فيمتنع بيعها عليّ (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اعزل) أي أبعد (عنها) منيك (إن شئت) العزل، قال في المبارق: وهذا محمول على الغضب بدليل قوله بعده (فإنه سيأتيها ما قُدّر لها) وفيه مؤكدات أن وضمير الشأن وسين الاستقبال اهـ ملا علي، قال ابن الملك: فيه جواز العزل وأنه في الأمة بمشيئة الواطئ اهـ، قال الحافظ: ولكن السياق يُشعر أنه خلاف الأولى. وتقدم تفصيل المذاهب فيه. قال الطيبي: قوله: إن شئت أي أن لا تحبل وذلك لا ينفعك كما يظهر من التعليل بقوله: (فإنه سيأتيها ما قُدِّر لها) أي من الحمل وغيره سواء عزلت أو لا وفيه مؤكدات كما مر آنفًا (فلبث الرجل) أي مكث زمانًا (ثم أتاه) صلى الله عليه وسلم مرة ثانية (فقال): يا رسول الله (أن الجارية) التي أخبرتك عنها أولًا (قد حبلت) وحملت ولدًا، وحبل من باب فرح كما في القاموس وغيره (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد أخبرتك) أولًا (أنه سيأتيها ما قُدِّر لها) في المرقاة: قال النووي: فيه دلالة على إلحاق النسب مع العزل اهـ لأن الماء قد يسبق، قال ابن الهمام: ثم إذا عزل بإذن أو بغير إذن وظهر بها حبل هل يحل نفيه؟ قالوا: إن لم يعد إليها أو عاد ولكن بال قبل العود حل نفيه، وإن لم يبل لا يحل كذا رُوي عن علي رضي الله عنه لأن بقية المني في ذكره يسقط فيها وكذا قال أبو حنيفة فيما إذا اغتسل من الجنابة قبل البول ثم بال فخرج المني وجب إعادة الغسل اهـ فتح الملهم، قال القرطبي: قوله: (قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها) دليل على إلحاق الولد بمن اعترف بالوطء وادعى العزل في الحرائر والإماء وسببه انفلات الماء ولا يشعر به العازل، ولم يُختلف عندنا في ذلك إذا كان الوطء في الفرج فإن كان في غير الفرج مما يقاربه أو كان العزل البين الذي لا شك فيه لم يلحق، وفيه حجة على كون الأمة فراشًا

الصفحة 29