كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 16)

ثُمَّ انْصَرَفَ. فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيهِ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا. فَقَال عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهذَا إلا لِقَوْلِي. فَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيهِ امْرَأَتَهُ. وَكَانَ ذلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا، قَلِيلَ اللَّحْمِ، سَبِطَ الشَّعَرِ. وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيهِ أَنَّهُ وَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ، خَدْلًا، آدَمَ،
ــ
هلال ونقلناه بتمامه في شرح الحديث السابق، ولا مانع من أن يروي ابن عباس القصتين معًا ويؤيد التعدد اختلاف السياقين وخلو أحدهما عما وقع في الآخر وما وقع بين القصتين من المغايرة كما حققه الحافظ في فتح الباري اهـ من التكملة.
(ثم) بعدما قال ذلك القول (انصرف) وذهب عاصم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأتاه) أي فأتى عاصمًا في بيته (رجل من قومه) وعشيرته وهو عويمر العجلاني ولا يمكن تفسيره بهلال بن أمية فإنه لا قرابة بينه وبين عاصم، وجملة (يشكو) ذلك الرجل (إليه) أي إلى عاصم ويخبره على سبيل الشكوى (أنه وجد مع أهله) وزوجته خولة (رجلًا) يزني بها حال من رجل لتخصصه بالصفة (فقال عاصم) عند ذلك (وما ابتليت) واختبرت (بهذا) الأمر في رجل من قومي (إلا لقولي) أي إلا لسؤالي عما لم يقع كأنه قال فعوقبت بوقوع ذلك في أهل بيتي فقد وقع في مرسل مقاتل بن حيان عند ابن أبي حاتم (فقال عاصم: إنا لله وإنا إليه راجعون هذا والله بسؤالي عن هذا الأمر بين الناس فابتليت به) حكاه الحافظ في الفتح (فذهب) عاصم (به) أي بذلك الرجل يعني عويمرًا (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره) أي فأخبر ذلك الرجل النبي صلى الله عليه وسلم (بـ) الحال (الذي وجد عليه امرأته) من الخلوة بالأجنبي (وكان ذلك الرجل) الذي رمى امرأته بالزنا وهو عويمر العجلاني (مصفرًا) أي ذا صفرة في اللون وهي اللون بين البياض والحمرة، وقد ورد في حديث سهل عند البخاري في باب التلاعن في المسجد ما يدل على أن عويمرًا كان أحمر، ويمكن الجمع بين الروايتين بأن ذاك لونه الأصلي والصفرة عارضة (قليل اللحم) أي نحيفًا (سبط الشعر) أي مسترسل الشعر غير جعده (وكان) الرجل (الذي ادعى عليه أنه وجد) هـ (عند أهله خدلًا) بفتح الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة وكسرها وتخفيف اللام، وضبطه الحافظ بفتح الدال وتشديد اللام، والكل سائغ في اللغة أي ممتلئ الساقين، وقال ابن فارس: ممتلئ الأعضاء، وقال الطبري: لا يكون إلا مع غلظ العظم مع اللحم (آم) بالمد أصله

الصفحة 348