كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 17)

قلنا: فإذا صح أن مخرمة لم يسمع من أبيه، وإنما روى من كتب أبيه من غير سماعٍ؛ فروايته على هذا وِجادة، فهل هي وجادة صحيحة بشروطها دعت مسلمًا وغيره إلى اعتمادها، أم لا؟
فقد تقدم عن أحمد قوله: ((أَخَذ مالك كتاب مخرمة بن بكير، فنظر فيه، فكل شيء يقول: (بلغني عن سليمان بن يسار) فهو من كتاب مخرمة)) (بحر الدم فيمن تَكَلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم، ص ١٤٨).
وقال ابن معين: ((وبلغني أن مالكًا كان يستعير كتب بكير، فينظر فيها ويُحَدِّث عنها)) (التمهيد لابن عبد البر ٢٤/ ٢٠٢).
وقال علي بن المديني: ((لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب ويحيى بن سعيد الأنصاري وأبي الزناد وبكير بن عبد الله بن الأشج. أدرك مالك بكيرًا وما سمع منه، وكان بكير سيئ الرأي في ربيعة، وأظنه تركه من أجل ربيعة، وإنما عَرَف مالك بكيرًا بنظره في كتاب مخرمة بن بكير)) (التعديل والتجريح للباجي ١/ ٤٤٠).
فهذا كله يعني أن مالكًا اعتمد الكتاب عن بكير، واعتبره وجادة مقبول العمل بها.
وقال الحاكم: ((مخرمة بن بكير روى له مسلم في الشواهد، وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وإنما أراد بهذا يحيى أن أهل مصر ينكرون سماعه من أبيه ذلك الكتاب لصغره، إنما هي عندهم نوع من الإجازة)) (المدخل إلى الصحيح ٤/ ١٥٣).
وقال البيهقي: ((قد اعتمده مالك بن أنس فيما أرسل في الموطأ عن أبيه بكير , وإنما أخذه عن مخرمة. واعتمده مسلم بن الحجاج , فأخرج أحاديثه

الصفحة 134