عن أبيه , في الصحيح ... فيحتمل أن يكون المراد بما حُكي عنه من إنكاره سماع البعض دون الجميع. والله أعلم. ثم هب أن الأمر على ما حُكي عنه من الإنكار , أليس قد جاء بكتب أبيه الرجل الصالح، فإذا فيها تلك الأحاديث؟ ! )) (معرفة السنن ١٢/ ٣٦٨).
وقال العلائي: ((أخرج له مسلم عن أبيه عدة أحاديث، وكأنه رأى الوجادة سببًا للاتصال، وقد انتُقد ذلك عليه)) (جامع التحصيل، ص: ٢٧٥).
وقال ابن القيم في ردِّه إعلال حديث من روايته عن أبيه: "والجواب عن هذا من وجهين:
أحدهما: أن كتاب أبيه كان عنده محفوظًا مضبوطًا، فلا فرق في قيام الحجة بالحديث بين ما حَدَّثه به أو رآه في كتابه، بل الأخذ عن النسخة أحوط إذا تَيَقن الراوي أنها نسخة الشيخ بعينها.
وهذه طريقة الصحابة والسلف. وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث كتبه إلى الملوك، وتقوم عليهم بها الحجة، وكَتَب كتبه إلى عماله في بلاد الإسلام، فعملوا بها واحتجوا بها. ودَفَع الصِّديق كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الزكاة إلى أنس بن مالك، فحمله وعملت به الأمة. وكذلك كتابه إلى عمرو بن حزم في الصدقات الذي كان عند آل عمرو.
ولم يزل السلف والخلف يحتجون بكتاب بعضهم إلى بعض، ويقول المكتوب إليه: (كَتَب إليَّ فلان أن فلانًا أخبره ... ) ولو بَطَل الاحتجاج بالكتب لم يَبْقَ بأيدي الأمة إلا أيسر اليسير، فإن الاعتماد إنما هو على النُّسَخ لا على الحفظ، والحفظ خَوَّان، والنسخة لا تخون.
ولا يُحفظ في زمن من الأزمان المتقدمة أن أحدًا من أهل العلم رد