كتاب عش مع الخلفاء والملوك
قالت: "فما تريد أن تصنع؟ " قال: "أريد أن أدعهم وأذهب" (¬1)،
فكيف يستدل على خطأ الزبير - رضي الله عنه -، ولا يستدل على الإمامة الكبرى، لم يكن ذلك من الخليفة الراشد علي - رضي الله عنه - إلا لعدم مجرد الإشارة فضلا عن النص على إمامته، وأنه قلما كان لنفسه في وقت الخلفاء قبله، ثم لما صار الأمر أظهر وأعلن، ولم يقصر حتى مضى على السداد والرشاد - رضي الله عنه -، كما مضى من قبله من الخلفاء، أئمة العدل على السداد والرشاد، متبعين لكتاب ربهم وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، هؤلاء هم الأئمة الأربعة المجمع على عدلهم وفضلهم رضي الله عنهم أجمعين، هم أصحاب الخلافة الراشدة، المأمور باتباع ما سنوا، قال رسول لله - صلى الله عليه وسلم -: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور» (¬2)، وهذا علي رابع أربعة هم الخلفاء الراشدين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم من العشرة المبشرين بالجنة - رضي الله عنهم -.
وقد استوفيت الكلام عنهم في كتابي "الهادي والمهتدي".
هذا ضحى الإسلام صفوة الزمن بعد زمن رسول الله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، انصرم ويتلوه ظهر الإسلام وهو بداية الحكم بعد الخلافة الراشدة، وهو ملك وليس خلافة، وإنما جرى إطلاق الخليفة على ما عهد الناس في الخلافة الراشدة، يبين هذا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أول دينكم نبوة ورحمة، ثم ملك ورحمة، ثم ملك أعفر، ثم ملك وجبروت، يُستحل فيها الخمر، والحرير» (¬3)، وهذا ما حدث فعلا، ومن هنا يبدأ
¬_________
(¬1) الكامل 2/ 44 ..
(¬2) أبو داود حديث (4607).
(¬3) فيه انقطاع بين مكحول الشامي، وأبي ثعلبة، واختلاف على ذكر أبي وهب، وأخرجه أبو داود الطيالسي (المسند رقم 228) وأبو يعلى (المسند 1/ 177، رقم 873، 874) والبزار (كشف الأستار 2/ 232، رقم 1589) والطبراني (المعجم الكبير 20/ 53، رقم 91، 92) ومعناه صحيح.
الصفحة 14
114