كتاب عش مع الخلفاء والملوك

وخمسين سنة، واكتمل الشروق في أجمل صورة، في حياة يسودها العدل الكامل، والرحمة والطهر والعفاف وتكوّن أنظف مجتمع عرفته الدنيا، كان سيده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكد ضحى الإسلام ينير طيبة لينبثق منها إلى أقطار الأرض حتى فجع المجتمع الإسلامي في طيبة بأعظم مصيبة أصيب بها كل مؤمن إلى يوم القيامة، وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أعظم منها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته فإنها من أعظم المصائب» (¬1)، وكان هذا الحدث الجلل في ربيع الثاني بعد عودته من حجة الوداع في السنة الحادية عشرة من الهجرة، وعمره - صلى الله عليه وسلم - ثلاث وستون سنة، قال أنس - رضي الله عنه -: " لما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء" (¬2).
نسأل الله أن يجمعنا به وبإخوته الأنبياء والصحب الكرام في الفردوس الأعلى من الجنة بفضله وكرمه.
هنا نقف عن التفصيل في العهد النبوي وهو موقف عظيم، فمن يجرؤ على تقييم نهج نبي يخاطبه الوحي صباح مساء، اللهم لا أحد إلا سفيها فارق سنة العقلاء، وقد أوضحت هذا في كتابي "الهادي والمتهدي".

ونبدأ في الحديث عن ضحى الإسلام عهد الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم -.
أولهم: أبو بكر - رضي الله عنه - خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وهو عبدالله بن أبي قحافة واسم أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك القرشي التيمي، لم يختلفوا في اسمه ولا اسم أبيه، وكذلك لم يختلفوا أن لقبه عتيق.
¬_________
(¬1) الدارمي حديث (85) بتحقيقي، صححه الألباني.
(¬2) مسند أحمد حديث (13830) صحيح.

الصفحة 6