كتاب الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التوريخ ت الظفيري

[غَرِيبَةٌ لَطِيفَةٌ] (¬١)
وَمِنْ غَرَائِبِهِ أَنَّ شَخْصًا جُهَنِيًّا كَانَ مِنْ نُدَمَاءِ الْمُهَلَّبِيِّ (¬٢) فَكَانَ يَأْتِي بِالطَّامَّاتِ، فَجَرَى مَرَّةً حَدِيثُ النُّعْنُعِ فَقَالَ: [إِنَّ] (¬٣) فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ نُعْنُعًا يَطُولُ حَتَّى يَصِيرَ شَجَرًا، وَيُعْمَلُ مِنْ خَشَبِهِ سَلَالِمُ! فَثَارَ مِنْهُ أَبُو الْفَرَجِ هَذَا فَقَالَ (¬٤): نَعَمْ، عَجَائِبُ الدُّنْيَا كَثِيرَةٌ، وَلَا يُنْكَرُ هَذَا، وَالْقُدْرَةُ صَالِحَةٌ، وَأَنَا عِنْدِي مَا هُوَ أَغْرَبُ مِنْ هَذَا؛ أَنَّ زَوْجَ حَمَامٍ يَبِيضُ بَيْضَتَيْنِ، فَآخُذُهَمَا وَأَضَعُ تَحْتَهُمَا سَنْجَةً (¬٥) مِائَةً وَسَنْجَةً خَمْسِينَ، فَإِذَا فَرَغَ زَمَنُ (¬٦) الْحِضَانِ انْفَقَسَتِ السَّنْجَتَانِ عَنْ طَسْتٍ (¬٧) وَإِبْرِيقٍ! فَضَحِكَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ، وَفَطِنَ الْجُهَنِيُّ لِمَا قَصَدَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ مِنَ الطَّنْزِ (¬٨) وَانْقَبَضَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ حِكَايَاتِهِ".
قُلْتُ: وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا أَنَّ بَعْضَ مَنِ اتَّهَمْنَاهُ بِالْمُجَازَفَةِ حَكَى، وَنَحْنُ بِحَضْرَةِ
---------------
(¬١) في هامش ب. وانظر هذه الغريبة مُسْندةً ومطولة: الحموي، معجم الأدباء، ٤/ ٦٤ - ٦٥.
(¬٢) هو: الوزير الحسن بن محمد الأزْدي، من ولد المُهَلَّب بن أبي صُفْرة (ت ٣٥٢ هـ). انظر: ابن خلكان، وفيات، ٢/ ١٢٤؛ الذهبي، سير، ١٦/ ١٩٧.
(¬٣) ساقط من أ، ق، ز، والمثبت من ب.
(¬٤) في أ: وقال، والمثبت من باقي النسخ.
(¬٥) هي سنجة الميزان، أي وحدة وزن. انظر: ابن منظور، اللسان، ٦/ ٣٨٥؛ فالتر هنتس، المكاييل والأوزان، ص ٩ - ١٠.
(¬٦) في أ: زمان، والمثبت من باقي النسخ.
(¬٧) في ب: طشت، وهي آنية الصُّفْر، قال الأزهري: "هي دخيلة في كلام العرب". انظر: الزبيدي، تاج العروس، ٣/ ٩٠. (مادة: طشش).
(¬٨) هي السخرية. انظر: الرازي، مختار الصحاح، ص ١٩٣. (مادة: طنز).

الصفحة 120