كتاب الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التوريخ ت الظفيري

وَلَوْلَا ذَلِكَ لِانْقَطَعَتِ الْوُصَلُ، وَجُهِلَتِ الدُّوَلُ، وَمَاتَ فِي أَيَّام [الآخِرِ] (¬١) ذِكْرُ الأُوَلِ (¬٢)، وَلَمْ يَعْلَمِ النَّاسُ أَنَّهُمْ لِعِرْقِ الثَّرَى، وَأَنَّهُم نُطَفٌ فِي ظُلُمَاتِ الْأَصْلَابِ طَوِيلَةُ السُّرَى، وَأَنَّ أَعْمَارَهُمْ مُبْتَدَأَةٌ مِنَ الْعَهْدِ الْقَدِيمِ لِآدَمَ، وَقَدْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَاتِهِمْ لِمَا أَرَادَهُ مِنْ ظُهُورِهِمْ وَتَقَادُمٍ.
فَيَعْلَمُ الْمَرْءُ أَنَّهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عُمْرِهِ، وَقَبْلَ نُزُولِ قَبْرِهِ، مَا اسْتَبْعَدَهُ أَهْلُ الطَّيِّ مِنْ حَقِيقَةِ النَّشْرِ (¬٣)، وَلِيَقْبَلَ فِي وَاحِدَةٍ مِنَ الْأَطْوَارِ شَهَادَةَ (عَشْرٍ) (¬٤) فَقَدْ قَطَعَ عُمْرًا بَعْدَ عُمْرٍ، وَسَارَ (¬٥) دَهْرًا بَعْدَ دَهْرٍ [وَثَوَى وَأُنْشِرَ فِي أَلْفِ قَبْرٍ] (¬٦) وَإِنَّمَا كَانَ مِنَ الظُّهُورِ فِي لَيْلٍ إِلَى أَنْ وَصَلَ مِنَ الْعُيُونِ إِلَى فَجْرٍ.
وَلَوْلَا التَّارِيخُ لَضَاعَتْ مَسَاعِي أَهْل السَّيَاسَاتِ الْفَاضِلَةِ، وَلَمْ تَكُنِ الْمَدَائِحُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَذَامِّ هِيَ الْفَاصِلَةُ، وَتَعَذَّرَ (¬٧) الِاعْتِبَارُ بِمُسَالَمَةِ الأَيَّامِ (¬٨) وَعُقُوبَتِهَا، وَجُهِلَ مَا وَرَاءِ صُعُوبَةِ الأَيَّامِ مِنْ سُهُولَتِهَا، وَمَا وَرَاءَ سُهُولَتِهَا مِنْ صُعُوبَتِهَا.
ثُمَّ ذَكَرَ مَا كَانَ يُؤَرِّخُ كَثِيرُونَ مِمَّنْ مَضَى بِهِ، كَالطُّوفَانِ وَالسَّيْلِ، وَالْأَرْصَادِ الْقَصِيرِ (¬٩) الذَّيْلِ، وَأَنَّ التَّارِيخَ بِالْهِجْرَةِ نَسَخَ كُلَّ تارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ (¬١٠) وهَدَمَ كُلَّ مَا لَمْ
---------------
(¬١) ساقط من أ، وفي باقي النسخ: الأواخر، والمثبت من: الفتح القسي.
(¬٢) في ز: الأوائل.
(¬٣) قال محقق الفتح القسي: الطي ضد النشر، والمقصود بأهل الطي: المنكرون للبعث والنشور. انظر: ص ٤٤.
(¬٤) في باقي النسخ: عشرة.
(¬٥) في ب: ساد.
(¬٦) ساقط من أ، والمثبث من باقي النسخ، ومن: الفتح القسي.
(¬٧) في الفتح القسي: ولقل.
(¬٨) في الفتح القسي: العواقب.
(¬٩) في أ: والتقصير، والمثبت من باقي النسخ، والظاهر يقصد: المذنبات.
(¬١٠) في ب: مقدم.

الصفحة 127