كتاب قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث

لصحة أحاديث الفسخ1 وكذا لم يلتفت إلى قول علي وعثمان وطلحة وأبي بن كعب -رضي الله عنهم- في ترك الغسل من الإكسال2، لصحة حديث عائشة3 أنها فعلته هي ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاغتسلا ولم يلتفت إلى قول ابن عباس وإحدى الروايتين عن علي أن عدة المتوفى عنها الحامل أقصى الأجلين لصحة حديث سبيعة الأسلمية4؛ ولم يلتفت إلى قول معاذ ومعاوية في توريث المسلم من الكافر لصحة الحديث المانع من التوارث بينهما5؛ ولم يلتفت إلى قول ابن عباس في الصرف لصحة الحديث بخلافه6 ولا إلى قوله بإباحة لحوم الحمر كذلك7 وهذا كثير جدًّا ولم يكن يقدم على الحديث الصحيح عملًا، ولا رأيًا ولا قياسًا ولا قول صاحب ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعًا ويقدمونه على الحديث الصحيح، وقد نص الشافعي في رسالته الجديدة على أن: "ما لا يعلم فيه الخلاف لا يقال له إجماع" ولفظه: "ما لا يعلم فيه الخلاف فليس إجماعًا" ثم قال ابن القيم: "ونصوص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث أجل من أن يقدم عليها توهم إجماع مضمونه عدم العلم المخالف ولو ساغ لتعطلت
__________
1 أحاديث الفسخ من الحج إلى العمرة في البخاري وغيره؛ وفيها أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بجعل الحج عمرة لمن لم يسق الهدي معه، وراجع فتح الباري، ج3، ص334-344.
2 أكسل الرجل: إذا جامع ثم أدركه فتور، فلم ينزل؟ راجع النهاية لابن الأثيرج 4، ص21.
3 أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن رجلًا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل. وعائشة -رضي الله عنها- جالسة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إني لأفعل ذلك أنا وهذه، ثم نغتسل".
4 وضعت سبيعة بعد وفاة زوجها بليال. فجاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- فستأذنته أن تنكح، فأذن لها. فنكحت والحديث مروي بطرق، وتجده في الصحيحين وغيرهما. راجع فتح الباري ج9، ص414.
5 الحديث المشار إليه، وهو حديث أسامة بن زيد الذي أخرجه البخاري في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم". وقد رواه أصحاب السنن أيضًا.
6 الحديث المشار إليه هو حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر والملح بالملح؛ مثلًا بمثل يدا بيد فمن ازداد واستزاد فقد أربى. والآخذ والمعطي فيه سواء" رواه أحمد والبخاري، وفي الصحيحين والسنن أحاديث أخرى بمعناه.
7 نهى النبى -صلى الله عليه وسلم- عن لحموم الحمر. أخرجه البخاري في صحيحه من حديث البراء بن عازب في الصحيحين وغيرهما أيضًا بمعناه.

الصفحة 89