كتاب الرسالة للشافعي (اسم الجزء: 1)

وقال: " وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) . وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) . أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ؟ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (٥١) . وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ، فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ (٥٢) " [النور] .
فأعلم اللهُ الناسَ في هذه الآية، أنَّ دعاءهم إلى رسول الله ليحكم بينهم: دعاء إلى حكم الله، لأن الحاكم بيْنهم رسولُ الله، وإذا سلَّموا لحكم رسول الله، فإنما سلموا لحكمه بفرض الله.
وأنَّه أعْلَمَهم أن حكمَه: حكمُه، على معنى افتراضه حكمَه، وما سبق في علمه - جل ثناؤه - مِن إسْعاده بعِصْمته وتوفيقه، وما شَهِد له به من هِدايتِه واتباعِه أمْرَه.
⦗٨٥⦘ فأَحْكَمَ فرضَه بإلزام خَلْقِه طاعةَ رسوله، وإعْلامِهم أنها طاعتُه.
فَجَمَعَ لهم أنْ أعْلمَهم أنَّ الفرض عليهم اتباعُ أمره، وأمرِ رسوله، وأن طاعة رسوله: طاعتُه، ثم أعلمهم أنه فَرَضَ على رسوله اتباعَ أمرِه - جل ثناؤه -.

الصفحة 84