كتاب تركة النبي

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتَهُ مِنْهُ، أَرْوِيهِ عَنْكَ فَقَالَ جَابِرٌ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ فِيهِ، فَلَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا نَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَعَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ كُدْيَةٌ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ كُدْيَةٌ قَدْ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ فَرَشَشْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ أَوِ الْمِسْحَاةَ، ثُمَّ سَمَّى ثَلَاثًا، ثُمَّ ضَرَبَ فَعَادَتْ كَثِيبًا أَهْيَلَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي، فَأَذِنَ لِي فَجِئْتُ امْرَأَتِي فَقُلْتُ ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَا صَبْرَ عَلَيْهِ، فَمَا عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: عِنْدِي صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَعَنَاقٌ قَالَ: فَطَحَنَّا الشَّعِيرَ، وَذَبَحْنَا الْعَنَاقَ، وَاطَّبَخْنَاهَا، وَجَعَلْنَاهَا فِي الْبُرْمَةِ، وَعَجَنَّا الشَّعِيرَ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَبِثْتُ سَاعَةً، ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُهُ الثَّانِيَةَ، فَأَذِنَ لِي، فَجِئْتُ فَإِذَا الْعَجِينُ قَدْ أَمْكَنَ. قَالَ: فَأَمَرْتُهَا بِالْخَبْزِ، وَجَعَلْتُ الْقِدْرَ عَلَى الْأَثَافِي، ثُمَّ -[69]- جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ عِنْدَنَا طُعَيِّمًا لَنَا فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَقُومَ مَعِي أَنْتَ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ مَعَكَ فَعَلْتُ، فَقَالَ: " مَا هُوَ؟ وَكَمْ هُوَ؟ " قُلْتُ: صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ وَعَنَاقٌ قَالَ: " ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ فَقُلْ لَهَا لَا تَنْزَعِ الْبُرْمَةَ مِنَ الْأَثَافِي وَلَا تُخْرِجِ الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِي " قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: " قُومُوا إِلَى بَيْتِ جَابِرٍ " قَالَ: فَاسْتَحْيَيْتُ حَيَاءً لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ فَقَالَتْ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَكَ كَمِ الطَّعَامُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَتِ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَدْ أَخْبَرْتَهُ بِمَا كَانَ عِنْدَنَا فَذَهَبَ عَنِّي بَعْضُ مَا أَجِدُ وَقُلْتُ لَهَا: صَدَقْتِ قَالَ: وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَا تَضَاغَطُوا ثُمَّ بَرَّكَ عَلَى التَّنُّورِ وَالْبُرْمَةِ، فَجَعَلْنَا نَأْخُذُ مِنَ التَّنُّورِ الْخُبْزَ، وَنَأْخُذُ اللَّحْمَ مِنَ الْبُرْمَةِ فَنَثْرُدُ وَنَغْرِفُ وَنُقَرِّبُ إِلَيْهِمْ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §لِيَجْلِسْ عَلَى الصَّحْفَةِ سَبْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ، فَكُلَّمَا أَكَلُوا كَشَفْنَا التَّنُّورَ وَالْبُرْمَةَ فَإِذَا هُمَا قَدْ عَادَا إِلَى أَمْلَأِ مَا كَانَا فَنَثْرُدُ وَنَغْرِفُ وَنُقَرِّبُ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ نَزَلْ نَفْعَلُ ذَلِكَ كَذَلِكَ، كُلَّمَا فَتَحْنَا التَّنُّورَ وَكَشَفْنَا عَنِ الْبُرْمَةِ وَجَدْنَاهُمَا أَمْلَأَ مَا كَانَا حَتَّى شَبِعَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ، وَبَقِيَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الطَّعَامِ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَصَابَتْهُمْ مَخْمَصَةٌ، فَكُلُوا وَأَطْعِمُوا " فَلَمْ نَزَلْ يَوْمَنَا نَأْكُلُ وَنُطْعِمُ قَالَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُمْ كَانُوا ثَمَانِ مِائَةٍ أَوْ قَالَ: مِئَتَيْنِ أَقَلُّ مِنَ الثَّمَانِ مِائَةٍ "

الصفحة 68