كتاب الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 4)

الْقِسْمَةِ وَأَبَى الْقِسْمَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ أَصْلًا وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ عَرْصَةِ الْحَائِطِ وَأَبَى الْآخَرُ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: إنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَرَى الْقِسْمَةَ إلَّا بِالْإِقْرَاعِ لَا يُقَسِّمُ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَرَى الْقِسْمَةَ بِدُونِ الْإِقْرَاعِ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُهُ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَتْ الْعَرْصَةُ عَرِيضَةً بِحَيْثُ لَوْ قُسِّمَتْ أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ وَيُجْعَلُ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا يَلِي دَارِهِ تَتْمِيمًا لِلْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِمَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا كَانَتْ الْعَرْصَةُ عَرِيضَةً فَالْقَاضِي يُجْبِرُ الْآبِيَ عَلَى الْقِسْمَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْخَصَّافُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْنِيَ ابْتِدَاءً بِدُونِ طَلَبِ الْقِسْمَةِ وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنْ كَانَتْ عَرْصَةُ الْحَائِطِ عَرِيضَةً بِحَيْثُ لَوْ قُسِّمَتْ أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ حَائِطًا لِنَفْسِهِ لَا يُجْبَرُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَرِيضَةٍ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُجْبَرُ وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ بَنَى أَحَدُهُمَا الْحَائِطَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهَكَذَا فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَهَكَذَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَازِلِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَتْ عَرْصَةُ الْحَائِطِ عَرِيضَةً عَلَى مَا بَيَّنَّا لَا يَرْجِعُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَرِيضَةٍ يَرْجِعُ وَإِذَا كَانَ عَلَى الْحَائِطِ حُمُولَةٌ فَإِذَا كَانَتْ لَهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ عَرْصَةِ الْحَائِطِ فَالْجَوَابُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ عَرْصَةُ الْحَائِطِ إلَّا عَنْ تَرَاضِ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الْعَرْصَةُ عَرِيضَةً عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا وَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْبِنَاءَ وَأَبَى الْآخَرُ ذَلِكَ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُجْبَرُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِذَا بَنَى أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَبَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: إنْ كَانَتْ عَرْصَةُ الْحَائِطِ عَرِيضَةً عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا لَا يَرْجِعُ الْبَانِي عَلَى شَرِيكِهِ وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي نَفَقَاتِهِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَوَادِرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَإِنْ كَانَ بَنَاهُ بِإِذْنِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ لَكِنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فَطَلَبَ هُوَ الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْآخَرُ يُجْبَرُ الْآبِي إذَا كَانَتْ الْعَرْصَةُ عَرِيضَةً عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِذَا أَرَادَ مَنْ لَهُ الْحُمُولَةُ الْبِنَاءَ وَأَبَى الْآخَرُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَإِذَا بَنَى الَّذِي لَهُ حُمُولَةٌ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَإِنْ بَنَاهُ الْآخَرُ وَعَرْصَةُ الْحَائِطِ عَرِيضَةٌ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا صَارَ مُتَبَرِّعًا ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ الْبَانِي مُتَطَوِّعًا كَمَا إذَا كَانَ لَهُ أَوْ لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ كَانَ لِلِبَانِي أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَهُ عَنْ الِانْتِفَاعِ إلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَةَ الْبِنَاءِ عَلَى حَسَبِ مَا اخْتَلَفُوا فَإِنْ قَالَ صَاحِبُهُ: أَنَا لَا أَنْتَفِعُ بِالْمَبْنَى هَلْ يَرْجِعُ الْبَانِي عَلَيْهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالَ: لَا يَرْجِعُ وَإِلَيْهِ مَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْحِيطَانِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: يَرْجِعُ وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ ثُمَّ إذَا رَجَعَ بِمَاذَا يَرْجِعُ ذَكَرَ الْفَاضِلُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ فِي مَسْأَلَةِ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ أَنَّ صَاحِبَ الْعُلْوِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ بِقِيمَةِ السُّفْلِ مَبْنِيًّا لَا بِمَا أَنْفَقَ وَهَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ وَفِي الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا

الصفحة 101