كتاب الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 4)

رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ مَجْرَى مَائِهِ فِي بُسْتَانِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَاءُ جَارِيًا يَوْمَ اخْتَصَمَا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ كَانَ جَارِيًا إلَى بُسْتَانِ هَذَا أَمْسِ قَالَ كَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُجِيزُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُجِيزُهَا مَا لَمْ يَشْهَدُوا لَهُ بِالْمِلْكِ أَوْ الْحَقِّ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ آخَرَ ناوقا مَوْضُوعًا عَلَى نَهْرِهِ هَذَا أَمْسِ جَاءَ السَّيْلُ وَقَلَعَهُ أَمْسِ وَرَمَى بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا شَهِدُوا بِذَلِكَ أَمَرْنَا بِإِعَادَةِ الناوق كَمَا كَانَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ الْمَاءَ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ النَّهْرِ وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهَا حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ قَالَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَجْرَى مَائِهِ فِيهَا قِيلَ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَمَا مَنْفَعَتُهُ إذْن قَالَ يَسْتَأْجِرُ صَاحِبُ النَّهْرِ إنْ شَاءَ بِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

نَهْرٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَاءِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَيِّنَتَهُ أَنَّ النَّهْرَ مِلْكُهُ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقْتَ الْخُصُومَةِ إلَّا أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي إلَى أَرْضِ هَذَا الرَّجُلِ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَاءِ وَيَقْضِي لَهُ بِالنَّهْرِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَيِّنَةً أَنَّ النَّهْرَ مِلْكُهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ جَارِيًا إلَى أَرْضِ هَذَا الرَّجُلِ وَقْتَ الْخُصُومَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِجَرَيَانِهِ إلَى أَرْضِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْضِي لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِالنَّهْرِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الْمَاءِ بَيِّنَةً أَنَّ النَّهْرَ مِلْكُهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ نَهْرٍ عَظِيمِ الشِّرْبِ لِأَهْلِ قُرًى لَا يُحْصَوْنَ حَبَسَهُ قَوْمٌ مِنْ أَعْلَى النَّهْرِ عَنْ الْأَسْفَلِينَ وَقَالُوا: هُوَ لَنَا وَفِي أَيْدِينَا، وَقَالَ الَّذِينَ هُمْ فِي أَسْفَلِ النَّهْرِ: هُوَ لَنَا كُلُّهُ وَلَا حَقَّ لَكُمْ فِيهِ قَالَ: إذَا كَانَ النَّهْرُ يَجْرِي إلَى الْأَسْفَلِينَ يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ تُرِكَ يَجْرِي عَلَى حَالِهِ كَمَا كَانَ يَجْرِي وَشِرْبُهُمْ جَمِيعًا مِنْهُ كَمَا كَانَ وَلَيْسَ لِلْأَعْلَيْنَ أَنْ يَسْكُرُوهُ عَنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُنْقَطِعًا عَنْ الْأَسْفَلِينَ يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ لَكِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي إلَى الْأَسْفَلِينَ فِيمَا مَضَى، وَأَنَّ أَهْلَ الْأَعْلَى حَبَسُوهُ عَنْهُمْ، أَوْ أَقَامَ أَهْلُ الْأَسْفَلِ بَيِّنَةً أَنَّ النَّهْرَ كَانَ يَجْرِي إلَيْهِمْ، وَأَنَّ أَهْلَ الْأَعْلَى حَبَسُوهُ عَنْهُمْ أَمَرَ أَهْلَ الْأَعْلَى بِإِزَالَةِ الْحَبْسِ عَنْهُمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

دَارٌ فِي السِّكَّةِ غَيْرُ نَافِذَةٍ وَفِي السِّكَّةِ نَهْرٌ أَرَادَ صَاحِبُ الدَّارِ أَنْ يُدْخِلَ الْمَاءَ فِي دَارِهِ وَيُجْرِيه إلَى بُسْتَانِهِ فَلِلْجِيرَانِ أَنْ يَمْنَعُوهُ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْجِيرَانَ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ، وَمَنْ أَجْرَى قَبْلَ ذَلِكَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ أَحْدَثَهُ فَلَهُمْ مَنْعُهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ يُمْنَعُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

دَارٌ بَيْنَ وَرَثَةٍ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ لِفُلَانٍ فِيهَا طَرِيقًا، أَوْ مَسِيلُ مَاءٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمُرَّ، أَوْ يُسِيلَ حَتَّى يَتَّفِقُوا وَلَكِنْ تُقْسَمُ الدَّارُ فَإِذَا قُسِمَتْ إنْ وَقَعَ الطَّرِيقُ، أَوْ الْمَسِيلُ الْمُقَرُّ بِهِ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ فَلَهُ الْإِسَالَةُ وَالِاسْتِطْرَاقُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ السَّاكِتِ يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِقِيمَةِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ فِي حِصَّةِ الْمُقِرِّ وَالْمُقِرِّ بِحِصَّتِهِ سِوَى قِيمَةِ الطَّرِيقِ أَوْ الْمَسِيلِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِحَقِّ الْمُرُورِ وَتَسْيِيلِ الْمَاءِ لَا بِرَقَبَةِ الطَّرِيقِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِرَقَبَةِ الطَّرِيقِ فَحِينَئِذٍ يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِقَدْرِ ذُرْعَانِ الطَّرِيقِ وَالْمُقِرُّ بِقَدْرِ ذُرْعَانِ نَصِيبِهِ سِوَى ذُرْعَانِ الطَّرِيقِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَجِبُ أَنْ يَضْرِبَ الْمُقَرُّ لَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ وَالْمُقِرُّ بِجَمِيعِ قِيمَةِ نَصِيبِهِ إلَّا قَدْرَ قِيمَةِ نِصْفِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَإِذَا كَانَ مَسِيلُ مَاءٍ فِي دَارِ رَجُلٍ فِي قَنَاةٍ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْقَنَاةِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِيزَابًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الدَّارِ، وَلَوْ كَانَ مِيزَابًا فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ قَنَاةً فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ

الصفحة 105