كتاب الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 4)

بِثَابِتٍ هَلْ يَصِحُّ هَذَا الْحُكْمُ؟ وَهَلْ يَثْبُتُ التَّوْكِيلُ؟ قِيلَ: لَا وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْعَامَّةِ فَلْتُحْفَظْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ رَجُلٍ وَأَحْضَرَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ فَادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِبْرَاءِ وَالْإِيفَاءَ، وَقَالَ الْوَكِيلُ عَزَلَنِي الْمُوَكِّلُ إنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِالْتِمَاسِ الْخَصْمِ لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ، وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ الْتِمَاسٍ مِنْ جِهَتِهِ تُسْمَعُ وَلَكِنْ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَزْلِ أَمَّا بِدُونِ الْبَيِّنَةِ فَلَا، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا وَلَكِنَّهُ قَالَ لَسْتُ بِوَكِيلٍ وَصَدَّقَهُ الْخَصْمُ لَا يَصِحُّ، وَأَثَرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ مَعَ الْخَصْمِ ثُمَّ قَالَ لَسْتُ بِوَكِيلٍ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ مَا دَفَعَ وَصَدَّقَهُ الْخَصْمُ لَا تُسْمَعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ، أَوْ وَدِيعَتِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُودِعُ، أَوْ الْغَرِيمُ وَمَعَ ذَلِكَ بَرْهَنَ الْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ لَهُ ذَلِكَ، وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا حَكَمَ بِوَكَالَتِهِ عَلَى الْحَاضِرِ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ أَحْضَرَ خَصْمًا آخَرَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَحْضَرِ الثَّانِي، وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ بِوَكَالَتِهِ عَلَى هَذَا الْحَقِّ ثُمَّ غَابَ الْوَكِيلُ وَحَضَرَ الْمُوَكِّلُ، أَوْ وَكِيلٌ آخَرُ لَهُ فِي طَلَبِ هَذَا الْحَقِّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا، وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ شَاهِدًا فَرْدًا عَلَى هَذَا الْغَرِيمِ وَفَرْدًا عَلَى غَرِيمٍ لَهُ آخَرَ، أَوْ وَارِثٍ آخَرَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.

رَجُلٌ حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَضَاءِ وَوَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ بِبُخَارَى وَالْخُصُومَةِ، وَلَيْسَ مَعَهُمَا أَحَدٌ لِلْمُوَكِّلِ قِبَلَهُ حَقٌّ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ الْمُوَكِّلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ قَبِلَ وَكَالَتَهُ حَتَّى إذَا أَحْضَرَ الْوَكِيلُ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ رَجُلًا يَدَّعِي لِلْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ حَقًّا تُسْمَعُ خُصُومَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْرِفُ الْمُوَكِّلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ لَا يَقْبَلُ وَكَالَتَهُ، فَإِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ، وَقَالَ إنِّي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لِيَقْضِيَ بِوَكَالَتِي هَذِهِ لِهَذَا الرَّجُلِ فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.

رَجُلٌ قَدَّمَ رَجُلًا إلَى الْقَاضِي، وَقَالَ إنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى هَذَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَدْ وَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ فِيهَا وَفِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَبِقَبْضِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ جُمْلَةً قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالدَّيْنِ جُمْلَةً يَقْضِي بِالْوَكَالَةِ وَيُعِيدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكُلِّ يَقْضِي بِالْكُلِّ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذَ بِالِاسْتِحْسَانِ لِحَاجَةِ النَّاسِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْوَصِيُّ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْوِصَايَةِ جُمْلَةً وَالْوَارِثُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّسَبِ وَمَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَالدَّيْنِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَكَّلَهُ وَفُلَانَ بْنَ فُلَانٍ بِقَبْضِ الْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَجَحَدَ الْغَرِيمُ الدَّيْنَ وَالْوَكَالَةَ، أَوْ جَحَدَ الْوَكَالَةَ خَاصَّةً فَأَقَامَ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالدَّيْنِ جُمْلَةً هَلْ يَقْضِي بِوَكَالَتِهِمَا وَبِالدَّيْنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ وَيَقْضِي وَعِنْدَهُمَا لَا تُقْبَلُ، وَإِذَا أَثْبَتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَبِمِثْلِهِ لَوْ أَقَامَ هَذَا الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ وَكَّلَهُ وَفُلَانًا الْغَائِبَ بِالْخُصُومَةِ مَعَ فُلَانٍ، أَوْ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَأَجَازَ مَا صَنَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَقْضِي بِوَكَالَةِ الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ، وَالْوَصِيُّ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا أَوْصَى إلَيْهِ وَإِلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ عِنْدَهُمَا يَقْضِي بِوِصَايَتِهِ وَبِوِصَايَةِ الْغَائِبِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْضِي بِوِصَايَتِهِ وَحْدَهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

لَوْ أَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً عَلَى الْوَكَالَةِ فَقَبْلَ أَنْ يُزَكَّى الشُّهُودُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَقِّ عَلَى الْغَرِيمِ تُسْمَعُ وَيَقْضِي بِهِ إذَا زُكِّيَتْ بَيِّنَةُ الْوَكَالَةِ وَتَثْبُتُ الْوَكَالَةُ سَابِقًا عَلَيْهِ وَيَصِيرُ وَكِيلًا فِي حَقِّ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً، وَكَذَا الْوَصِيُّ، أَوْ الْوَارِثُ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْوِصَايَةِ وَالْوِرَاثَةِ وَقَبْلَ أَنْ تُزَكَّى أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَقِّ ثُمَّ زُكِّيَتْ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ بَيِّنَةُ الْوَكَالَةِ، أَوْ الْوِصَايَةِ بَطَلَتْ بَيِّنَةُ

الصفحة 111