كتاب الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 4)

أَوْ بَعْضُ خَلْقِهِ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ جَارِيَتَهُ هَذِهِ قَدْ أَسْقَطَتْ مِنْهُ فَهَذَا إقْرَارٌ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَمَتَهُ قَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ، أَوْ أَسْقَطَتْ مِنْهُ سَقْطًا مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ غَائِبٌ، أَوْ مَرِيضٌ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ مَا لَمْ يَنْفِهِ، فَإِنْ نَفَاهُ يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ نَفْيِهِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

أَمَةٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا فَلَوْ وَلَدَتْ آخَرَ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا بِالدَّعْوَى، وَإِنْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ وَيَضْمَنُ عِنْدَهُمَا حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

(الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ) الْأَمَةُ وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ دَعْوَى الْمَوْلَى وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ الْمَوْلَى نَسَبَ وَلَدِهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ، أَوْ يَدَّعِيَ نَسَبَهُ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا بِأَنْ قَالَ هَذَا الْحَمْلُ الَّذِي فِي بَطْنِ أَمَتِي هَذِهِ مِنِّي، أَوْ قَالَ هَذَا الْوَلَدُ الَّذِي فِي بَطْنِ هَذِهِ مِنِّي.
فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ لَهُ أَمَةٌ حَامِلٌ قَالَ: إنْ كَانَ حَمْلُهَا غُلَامًا فَهُوَ مِنِّي، وَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَهُوَ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ قَالَ: فَلَيْسَ مِنِّي فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا مِنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ عَالَجَ جَارِيَتَهُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ فَأَخَذَتْ الْجَارِيَةُ مَاءَهُ فِي شَيْءٍ فَاسْتَدْخَلَتْهُ فِي فَرْجِهَا فَعَلِقَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْوَلَدَ وَلَدُهُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.

الْأَمَةُ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَهُنِّئَ الْمَوْلَى فَسَكَتَ لَا يَكُونُ قَبُولًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَلَوْ قَبِلَ الْمَوْلَى التَّهْنِئَةَ كَانَ اعْتِرَافًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ أَحْصَنَ الْمَوْلَى أَمَتَهُ وَوَطِئَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مَا لَمْ يَدَّعِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ حَقِيقَةً أَنَّهُ مِنْهُ فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مِنْهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَ وَلَا يُنْكِرَ وَلَا يَنْفِيَ، وَإِنْ لَمْ يُحْصِنْهَا فَلَهُ أَنْ يُنْكِرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

رَوَى إبْرَاهِيمُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ وَطِئَ جَارِيَةً لَهُ، وَلَمْ يُبَوِّئْهَا بَيْتًا، وَلَمْ يُحْصِنْهَا قَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ أَنْ يَنْفِيَ وَلَدَهَا وَيَبِيعَهَا، فَأَمَّا فِي قَوْلِي فَأُحِبُّ أَنْ يُعْتِقَ وَلَدَهَا وَيَتَمَتَّعَ بِهَا فَإِذَا مَاتَ أَعْتَقَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

أَمَةٌ وَلَدَتْ فَادَّعَتْ أَنَّ مَوْلَاهَا قَدْ أَقَرَّ بِهِ وَجَحَدَ الْمَوْلَى وَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَإِنْ اتَّفَقَ الشَّاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ الْمَوْلَى أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَا عَلَى نَفْسِ الْوِلَادَةِ عَلَى فِرَاشِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى ذِمِّيًّا وَالْأَمَةُ مُسْلِمَةً فَشَهِدَ ذِمِّيَّانِ بِذَلِكَ جَازَ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الْمُدَّعِيَ وَالْأَمَةُ جَاحِدَةٌ لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّينَ عَلَيْهَا وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا تَجْحَدُ الْمَمْلُوكِيَّةَ لِلْمَوْلَى فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ تُقِرُّ بِذَلِكَ يَنْفَرِدُ الْمَوْلَى بِدَعْوَةِ نَسَبِ وَلَدِهَا وَلَا عِبْرَةَ لِتَكْذِيبِهَا، وَلَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَشَهِدَ عَلَى الدَّعْوَى أَبُو الْمَوْلَى وَحْدَهُ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ ابْنَا الْمَوْلَى جَازَتْ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَ الْمَوْلَى جَاحِدًا لِذَلِكَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

(الدَّعْوَةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:) دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ وَدَعْوَةُ تَحْرِيرٍ وَهِيَ دَعْوَةُ الْمِلْكِ وَدَعْوَةُ شُبْهَةِ الْمِلْكِ أَمَّا دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ فَبِأَنْ يَدَّعِيَ نَسَبَ وَلَدٍ أَصْلُ عُلُوقِهِ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَتَصِحُّ فِي الْمِلْكِ وَغَيْرِ الْمِلْكِ وَتَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَتُوجِبُ فَسْخَ مَا جَرَى مِنْ الْعُقُودِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مَحَلَّ النَّسَبِ وَفُسِخَ الْعَقْدُ فِيهِ وَيُجْعَلُ مُعْتَرِفًا بِوَطْءِ الْجَارِيَةِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَأُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ تَبَعٌ لِثُبُوتِ النَّسَبِ فِي الْوَلَدِ وَأَمَّا دَعْوَةُ التَّحْرِيرِ فَبِأَنْ يَدَّعِيَ نَسَبَ وَلَدٍ لَمْ يَكُنْ عُلُوقُهُ فِي مِلْكِهِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ فِي الْمِلْكِ لَا فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَلَا يُجْعَلُ مُعْتَرِفًا بِالْوَطْءِ وَلَا تُوجِبُ فَسْخَ الْعَقْدِ فِيهِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ أَمْكَنَهُ إثْبَاتُ الْعِتْقِ تَصِحُّ وَإِلَّا فَلَا حَتَّى لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً حَامِلًا ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْوَلَدَ كَانَتْ هَذِهِ دَعْوَةَ تَحْرِيرٍ. وَأَمَّا دَعْوَةُ شُبْهَةِ الْمِلْكِ فَبِأَنْ يَدَّعِيَ وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَشَرْطُ صِحَّتِهَا أَنْ يَكُونَ لِلْأَبِ

الصفحة 114